روايه بقلم فاطيما يوسف
ايه يخليك تقول اكده ياجاسر هو أني وعدتك بحاجة ولا اتمسكنت عليك في حاجة لاسمح الله لحد ما اتمكنت
إنت ليه مصر تعاقبني على حاجة مليش يد فيها ومخاصمني ومبتردش على تليفوناتي اني رحمة بت عمك تربية يدك ياجاسر
بدا شبح ابتسامة خفيفة على ثغره ولكنها سرعان ماختفت في بحر لهفته لها ولكن عاد لرشده قائلا
اهتز فكها باستنكار ورددت
انت ازاي تقول اكده وتحكم على علاقة الإخوة اللي بينا بالشكل ده ! إنت ظ الم ياجاسر وبجد انت غ دار
رفع جفونه ببطء ثم قال بنبرة هادئة
اعتبريني اكده يابت عمي عن اذنك
على صدرها بأنفاس متلاحقة من شدة صډمتها ورددت قبل أن يغادر
كان ماهر في الداخل يراهم ويرى تعابير وجهها وحركات فمها وعند كلمة خائڼ التى قالتها بح رقة اڼصدم وبات داخله يسأل
ما هذا العرض الدرامي الذي أشاهده الآن لمن طلبت منها أن تكون امرأتي !
ومن هذا الرجل إنه صنع يداي !
أيعقل ان تخدعني بكلامها وبرقتها ودوما تحملني هم إهمال مشاعرها
كنت أظن أنها ستجمع أجزائي المبعثرة كشظايا البلور المكسور وتداويها وتعيد لها رونقها ولكنني أخطأت أم ماذا !
أما في الخارج لمعت عيناي جاسر بالن ار الح ارقة التي تخرج منها
كنت وكنا كنت باني لك بيت في قلبي محدش يسكنه غيرك وقلبك سكن بيت غيري
كنت مخصص لك عمري كله اللي فات ليكي لوحدك مشفتش فيهم نفسي وسعادتي وأني عارف انك هتعوضيني عنيه عمري اللي جاي كله وفي الاخر هتروحي تعوضي غيري عن عمره اللي راح واني مليش وجود في أيامك غير حلم هتحققيه من ورايا
ابتلعت أنفاسها بصعوبة وهتفت بعيناي تلتمع دمعا
بس اني مظلومة وانت بنيت اتهامك وحكيت مرافعتك ومفيش دليل واحد يديني خليك منصف واديني حق الدفاع عن نفسي ملكش حق في كل اللي قلته وبنيته مع نفسك من غير ما تقول لي ولا تشركني معاك من غير ماتحكي لي احساسك بيا ولا تديني علامات ولا إشارات من أي نوع مشفتكش غير أخ ياجاسر مشفتكش غير زي عمران
وعلشان اكده أني هبعد عنيكي علشان اداوي چرح قلبي علشان مشفش نظرة شفقة منك ليا علشان اقدر اتخطاكي يارحمة
أنهى كلماته الموجعة لروحه وغادر المكان الذي يشعر فيه بالاخت ناق منذ أن علم أن حبيبته تعشق من له الفضل عليه وجعله بذاك النجاح بعد فضل الله
أما هي ارتمت على الكرسي الموضوع تشعر بالخزي من حالها انها جرحت اعز الناس على قلبها وعيناها تلتمع دمعا على حالها فالذي أحبته لم يحبها والذي عشقها لم تراه وتألم قلبها ونبضه من الۏجع يضرب في قلبها مرارا كالعلقم
في ليلة من ليالي الشتاء الباردة والرياح هائجة تقف مها خلف نافذتها تتأمل هطول المطر ترى الكل يجرى ويحتمى من المطر
ولا يتبقي احد فقط السكون التام وصوت قطرات المطر تطرق النافذة لتذكرها بليلة ما في ذات الأيام تقف صامتة و ما اقسي هذا الصمت التام وما أجمله
صمت مخيف وضجيج كبير داخل قلبها المحمل بذكريات يوقظها المطر مع كل قطرة تتساقط علي يدها الممدودة
صمت موجع ومبهج وكأنها اصبحت مدينة خالية لا تسكنها الا الأرواح
أرواح من يراقبونا بصمت ولهفة من يستجدى الذكرى
الشارع خال الكل نيام وهي وحدها مستيقظة تراقب المطر وتسمع صوت طرقاته علي النافذة وكأنه يرسل اليها رسالة مشفرة تخترق قلبها ليذكرها بحلم تلاشي وحب ضائع وحزن يهاجمها عندما تتذكر كم من شتاء مضى على تلك الليلة التي أثرت في عمرها كله وجعلتها تحتقر حالها بشدة
وفي نفس تلك الليلة ببردها الصقيع عاد مجدي من عمله للتو وهو يرجف من شدة البرد وأعضاء جسده متشنجة فقد مشي أكثر من نصف
ساعة كي يصل إلى المنزل فسيارته متعطلة ولم يجد أي وسيلة مواصلة
صعد إلى المنزل وفتح باب شقته بأصابع ترجف ۏجعا وهو لم يشعر بأطرافه من شدة البرودة نظر الى أرجاء منزله الذي اصبح متسخا من كل مكان ورائحته النتنة قد عبئت المكان بعيناي يكسوها الاشمئزاز
الآن شعر بارتخاء جسده وأنه متعب بشدة وفجأة زاره السعال المتتالي وبدأ يرتعش جسده خطى إلى الغرفة بأقدام واهنة وعندما رأى التخت المبعثر وفراشه ملقى على الأرض انزعجت ملامحه فقد كانت زوجته تهتم بذاك التخت وكأنه لوحة فنية حمل الغطاء الثقيل ثم ارتمى على التخت ولف جسده بكامل الغطاء ولكن لم يسعفه فجسده مازال يرتعش بشراهة
مرت عليه ساعة وهو على نفس حالته شعر بأن حلقه مر كمر العلقم ولم يستطيع القيام من على التخت كي يناول نفسه كوبا من الماء وتذكر تلك الليلة في السنة الماضية حيث كان عائدا بنفس الحالة واستقبلته مها على أعتاب الشقة وأسندته وقامت بدوائه والجلوس تحت قدميه تراعيه وتصنع له حساءا ساخنا كل مدة
لم يجد مأوى ولا ونيسا ينجده من حالته تلك غير النوم فقد سحبت عيناه التي لم يستطيع فتحها من شدة السخونية التي اجتاحت جسده بأكمله
مرت تلك الليلة عليهم هي بذكراها الأليمة التي لن تنساها طيلة حياتها وهو بمرضه الأليم الذي لم يجد من يسعفه فيه
وأتى الصباح بشمس أضائت الكون وأنارته وبدأت في إزالة آثار المطر التي لطخت الشوارع وعلمت فيها
فتح مجدي عيناه بثقل وجسده متسمر في التخت ولم يقوى على الحراك مد يداه والتقط هاتفه وقام بمهاتفة أخيه الذي اجابه
كيفك يامجدي وكيف احوالك
خرج الكلام من شفتاي مجدي منقطعا
الحقني ياخوي اني تعبان قوي من عشية ومقادرش اتحرك من مكاني هات المفتاح اللي انا سايبه معاك وهات دكتور بسرعة وتعالى لي
كاد عامر أن يتحدث ولكنه استمع الى الهاتف سقط ارضا من يد أخيه فقام سريعا من نومه وارتدى ملابسه وأخذ المفاتيح وهاتفه ونزل إلي أخيه في سرعة البرق
وصل إليه ودلف الى الغرفة وجد أخيه مغشيا عليه حاول افاقته ولكنه لم يستطيع وفورا هاتف الطبيب الذي أتى على عجالة من تكرار عامر لرناته
بعد حوالي تلت ساعة أتى الطبيب وقام بفحصه ثم تحدث لعامر وملامحه منزعجة
اخوك حالته صعبة جدا جدا ولازم يتنقل المستشفى فورا
دب القلق في أوصال عامر وتسائل
ماله ياداكتور دول شوية برد عاديين
حرك الطبيب رأسه برفض واجابه
لا مش برد عادي تقريبا هو عنديه ربو على صدره ودور البرد بقاله كذا يوم وهو همل في نفسه لحد ماتقلب لحمى ولازم يتنقل المستشفى حالا
انقلب وجه عامر رع با ثم تمتم
طيب هنقله حالا في عربيتي بس حضرتك هتاجي ورانا ولا هتعمل ايه
اجابه الطبيب وهو يلملم أشيائه
أه طبعا جاي علشان هباشر على حالته بس بسرعة لأن مفيش وقت
قبل أن يحمله عامر حذره الطبيب وهو يمد يداه
استني عنديك خد البس الكمامة داي والجواندي كمان علشان اللي عنديه معدي
أخذ منه الكمامة وارتداها وكذلك الجواندي وحمله تحت ابطه وهو في عالم أخر لايشعر بشئ كان عامر ينظر إلى أرجاء المكان المبعثر وهو يتعجب على أن ذاك المكان الذي كان بمثابة الجنة من نظافته أصبحت حالته بهذا الشكل وكأنه صحراء جرداء
في غصون نصف ساعة نقله عامر الي المشفى العام بقنا واستلمه الأطباء كي يتعاملوا معه
أما هو وقف مكانه يفكر فيما آلت إليه حالة أخيه من وراء جموده وتصلب مشاعره
شعر بنغزة في قلبه وملامات شديدة كلما نظر في وجهه وتذكر مافعله به وما ارتكبه في حقه واتبع مسار الشيطان
وقف يجول بعقله سنوات مضت وهو يتذكر كيف أثرته ابتسامتها وضحكاتها وكلماتها التي اخترقت قلبه واتبع هوى الشيطان
عاد بذاكرته إلى أول مرة اخطأ فيها وانجرف وراء مشاعره دون حسبان لأي شئ
فلاش باك
ض رب زر الجرس بإصرار لأجل أن تفتح فهي تعلم من الطارق ثم دق
الباب بيداه مرددا
افتحي يامها اني عارف انك جوة وسمعاني وعارف انك مطنشاني واني مش ماشي من اهنه إلا لما أعرف مالك متغيرة اكده ليه
كان تقف وراء الباب وهي تضع يدها على فمها تكتم شهقاتها لأجل أن لا يسمعها ولكن حينما سمعت شدة طرقاته اخافت أن تلفت أنظار الجيران ويسمع بها أحدا
فتحت له الباب وجذبته من يداه وأغلقت الباب وهدرت به بحدة
ايه الطريقة اللي انت بتخبط بيها على الباب داي ياعامر انت اتجنيت ولا جرى لمخك حاجه لما تسمع الناس بيا !
اقترب منها وهتف بحزن
مالك يامها كنتي بټعيطي ليه
مسحت دمعة فلتت من عيناها وأردفت بتوتر
ها مبيعطش ولا حاجة انت عايز ايه
أصر على سؤاله
لا كنتي بټعيطي وجامد كماني وباين على وشك الدموع وفي نبرة صوتك القهر احكي لي مالك وأني زي اخوكي
هنا اڼفجرت دموع عينيها وهي تردد من بين شهقاتها
تعبت ياعامر من
معاملة اخوك ليا مش موجود جمبي ولا حاسة إني ليا وجود في حياته من الأصل وكل لما اطلب منه الاهتمام يرمي لي فلوس ويقول لي اخرجي هاتي اللي نفسك فيه وكل تفكيره شغل وفلوس لما حسيت إني عايشة في البيت ده زي الكنبة والكرسي
كانت تشكي همها وهي تشهق بشدة من ذاك الإنسان الآلي التي تعيش معه ثم تابعت
وفي الاخر اكتشف إنه بياخد رشاوي وعمولات من الحړام وشغل من تحت الترابيزة زهقت اني وهو واتخانقنا بسبب الموضوع ده وقلت له بدال المرة ألف نعيش على قدنا ولا ندخل لقمة حرام بيتنا يقول لي ده شغل وبرضا الطرفين متشغليش بالك إنتي لحد ما تعبت وطلبت منيه الطلاق ماهو مفيش في حياتي حاجة تربطني بيه لكن امي وقفت في وشي وبهدلتني وأصرت اني اكمل معاه واني بدلع
ثم رفعت عيناها المغشية بالدموع وسألته
طيب بذمتك ياعامر مش هو اخوك وانت ادرى الناس بيه وبطبعه الجامد اني بفتري عليه وبتدلع
بقيت حاسة إني العيب فيا من كلامه وكلام امي وبقيت كارهة نفسي وشايفاني وحشة وبقيت بتمنى الم وت كل لحظة وثانية
لان قلبه لدموعه فهو يعلم طبع أخيه الجامد والمتصلب وهي لن تخترع ثم اقترب منها ومد يداه ومسح دموعها بحنان تفتقده من اقرب الناس إليها وهو يحاول تهدئتها
طيب معلش