قلبي وعيناك والايام بقلم رحاب ابراهيم
سما عاليا وقالت _ حرامي معفن بصحيح....حد يسرق المخدات والتليفزيون اللي بيكح ده ! طب كان خد مرات خالك ولا العرة أبنها ...نعناعة ...ولا وجب معانا وسرق خيبتنا دي بدل ما احنا لا طايلين علم ولا جهل جاتنا ستين خيبة .. لكمها الفتيات على ذراعيها بضحكات عالية ثم خرجوا الأربعة من العرس.....ساروا بالطريق بملابسهن المحتشمة الواسعة التي كانت عبارة عن عباءة سوداء وعليها حجاب ملون يبرق تحت ضوء القمر ...... أخرجت سما من جيب ردائها حبات من اللب ثم وضعت بيد كل فتاة القليل وتركت لها البقية وقالت بحماس _ أزأزي يابت منك ليها .... أحنا على لحم بطننا من العصرية ... قالت جميلة بسخرية _ ما أنت اللي نازلة رقص وغنا ولا أكنه فرحك يا هبلة ! ردت سما بضحكة وهي تهمس لهم _ قال وأنا اللي عمالة أقول كتري يابت الشطة ...ده العريس شايل اللوز وعنده اشتباه ديدان ....بس طيب توالت ضحكات الفتيات عاليا لتضيف سما بضحكتها ذات الصوت الرفيع _ ولا شوفتي مرات أبوها وليه عقربة ....عايزة تبوظ الجوازة قالت رضوى بشهقة وذهول _ يا مصېبتي ...عملت إيه ! أجابت سما بغيظ _ الولية أقولها جوعت يا خالة أنا والبنات تروح تجيبلي طبق نابت وشقتين عيش ومخلل ! ... فوتت عليا المحشي بنت عبراضي الفاضي .... ضحك الفتيات مرة أخرى ثم ساروا بالطريق إلى منزل خالهم العمدة عبد السميع قالت حميدة وهي تطرح طرف حجابها للأسفل بعدما تدلى قليلا _ عندي أحساس كده أن في حاجة هتحصل قريب ...مش عارفة بقالي شهور حاسة بكده .. قالت سما بابتسامة وهي تمر حبة لب بين أسنانها _ يارب نتجوز ...أهو الاقي فرح أغني فيه وحد أقوله يا سيد الناس يا عترة... قالت رضوى بغيظ وهي ټضرب بكوعها بذراع سما _ ملهوفة أوي تسبينا !! هزت سما رأسها بتأكيد وقالت بضحكة _ بصراحة آه....عايزة اصطبح بخلقة تفتح النفس بقا... ردت جميلة بسخرية _ بكرة نشوف .... آخر تريقتك على خلق الله هتكون إيه ! أشارت سما لها لتصمت وقالت وهي تكتم ضحكتها _ بت ...أنت بالذات تسكتي... ده أنا بصطبح بشعرك المنكوش اللي شبه خارطة الطريق ! و نص ساعة عبال ما تفتكري أنت مين واحنا مين... ولا البغلة اللي اسمها رضوى ... درفيل بيتقلب طول الليل لأ وبجحة بتنكر! ... ولا الخالة حميدة بقا...دي الشبح اللي فينا..... تفضل طول الليل تمشي وهي نايمة واللي يوقفها تنزل فيه ضړب ومش حاسة.... بصراحة العيشة معاكم معفنة... قالت حميدة بعصبية _ والبشمهندسة سما بتعمل إيه بقا ! رفعت سما يديها للسماء وقالت _ بفضل ادعي طول الليل أغور من وشكوا لبيت القمر اللي هتجوزه ....ما هو لازم يبقى والا هتولعوا فيا تريقة وتأليس يا عرر ...
عند الساعة العاشرة مساء .... دلف إلى عيادة خاصة ل طبيب نفسي ....كان هذا الطبيب يخصص مواعيد مسائية لمن يضيقون بالتواجد بين بعض المرضى نفسيا بمواعيد النهار...! ريثما أن البعض يخفي أنه مريض نفسي كأنه يخفي کاړثة ! استقبلته سكرتيرة الطبيب بابتسامة رسمية وأشارت له بالدخول فقد أتى في موعد الحجز تماما .... وفي مكتب الطبيب د شاهر المبتسم دائما بوجه بشوش ...بينما ظهرت ابتسامته أكثر عندما رآى مريض قديم قد عاد إليه ! قال كأنه يرحب به _ دكتور وجيه ..! نورت العيادة .... بقالنا تقريبا تسع سنين ما اتقابلناش حتى لو صدفة ! صافحه وجيه بابتسامة سريعة وقال بلمحة مزاح ظهرت في جملته _ وأهو جتلك بنفسي من تاني ..! أشار د شاهر للمقعد أمام مكتبه ليجلس وجيه وقال _ بصراحة مكنتش هقابل النهاردة أي حد ...بس لما السكرتيرة ورتني المواعيد وشوفت اسمك استغربت ! ....بصراحة مقدرتش امنع فضولي أعرف اللي حصلك في التسع سنين دول ! .... تنهد وجيه وقال بسخربة _ مش هكدب عليك ...أنا حاولت أنسى أني كنت بتعالج نفسيا مع محاولتي نسيانها .... مكنتش اتخيل أبدا أن بسبب تجربة حب فشلت أني أبقى مريض نفسي ! اعترض د شاهر _ أنت مكنتش مريض نفسي ....أنت مريت بتجربة حب متوقعتش أنها تفشل .... حطيت ثقتك كلها في شيء ..والشيء ده خالف كل توقعاتك فطبيعي متعرفش تنساه بسهولة...بس أظن أني مكنتش حابب يكون بينا القاب....أحنا حتى نعتبر زملاء ..! ابتسم د شاهر له بود بينما تذكر وجيه ذلك الأمر فرد له الابتسامة بنظرة هادئة وشاكرة ....ثم قال _ فاكر .... قال شاهر وهو يرجع بظهره للمقعد في جلسة مريحة _ فضفض ...... كان يعرف الطبيب أن وجيه لا يحب جلسة الشيزلونج ...يحب أن يتحدث و اقفا ...ينظر باتجاه آخر سوى عين الطبيب المترصدة للكلمات والجمل... تقدم وجيه للنافذة ووقف مواليا ظهره في ثبات ....أخذ نفس عميق ...ثم قال وكأن صوته يأتي محمل بالذكريات _ آخر مرة جتلك كنت عارف أني هجيلك تاني...مكنتش نسيتها بس اتظاهرت بكده ... الفكرة كلها في أحساسي وقوة مشاعري دي لأنها باعتني وبعدت بسهولة..... افتكرت أني طالما حبيتها بسرعة وبالشكل ده هقدر أنساها بنفس السرعة ...! هز رأسه رافضا ظنه الخادع _ مقدرتش....! سنة كاملة بتعالج نفسيا من چرح كبير بعد ما سابتني ! في كل لحظة طول السنين اللي فاتت كنت بسأل نفسي أنا ليه مش عارف أنساها ! حتى لما اتجوزت واحدة تانية ....يمكن أحلى منها في الشكل ! برضو ما نسيتهاش ! صمت لدقيقتين وران صمت يضج بالذكريات المؤلمة بعينيه فتابع _ كنت أتمنى لو كانت مجرد عاصفة تعدي في حياتي وتنتهي ...حتى لو هفتكرها في بعض اللحظات ....بس تتحط في خانة الذكريات اللي مسموح ليها بالنسيان .... ليلى احساسي بيها كان أكبر من أني أنساه بسهولة.... كان أكبر أني أخد وقت عشان اكتشفه ..... لازم نعترف أني في أحساس ما بيتكررش مرتين ! تفتكر لو كنت اتجوزتها كنت هفضل أحبها بالقدر ده ! رفع الطبيب حاجبيه وهز رأسه بالنفي ببطء ثم أجاب _ ما اعتقدتش.....وده مش بالضرورة أنك محبتهاش بالعكس .... حاجة كده عاملة زي البرفيوم ....ممكن جدا يكون أصلي وجودته عالية من الآخر يعني....بس لو اتحفظ سنين بتعلى جودته أضعاف أضعاف ورحقيه بيبقى أجمل وأبقى .... وأضاف بتوضيح _ سبب أنك ما نسيتهاش مش بس أنك حبيتها .... السبب ممكن يكون أنك مش عارف هي حبتك ولا لأ .... ثقة زيادة حطتيها مع حب عاصف وعدم وجود سبب مقنع للفراق وحط عليهم شخصية زي شخصيتك مش من النوع اللي بيحب بسهولة ...كل ده خلى الاسئلة تعيش جواك وتتوالد مع الزمن بمليون سؤال
تاني ....كل سؤال كان رباط بيربطك بذكراها أكتر .....هتنساها أزاي بقى ! اقتنع وجيه بعض الشيء بتفسير الطبيب وأضاف على حديثه _ والأكتر من ده .... أني بعترف ...أنا ما صادفتش