منقذي الزائف بقلم بتول علي
هبة باليأس والإحباط وصرفت النظر عن فكرة بيع المنزل بعدما لم تجد من يعرض عليها سعرا مناسبا وقررت أنها سوف تتحدى الجميع وتواجه من يتحدث عنها بكلمة سيئة ولن تهرب أبدا بل ستدافع عن نفسها فهي لم ترتكب أي ذنب أو خطيئة تجعلها تهرب وتترك المنزل الذي نشأت به والذي يحتوي على جميع الذكريات التي عاشتها مع عائلتها.
هذا المنزل يجعلها تتذكر الكثير من اللحظات السعيدة وفي الوقت نفسه يجلب لرأسها الكثير من الذكريات التي تسعى لنسيانها ففي هذا المنزل رأت أحمد لأول مرة وتعرفت عليه.
حدث هذا الأمر قبل ثلاث سنوات بعدما ټوفي والدها ببضعة أشهر وكانت حينها تشعر بالصدمة وترفض خلع الملابس السوداء ولم تكن تتحدث مع أي شخص على الإطلاق وهذا الأمر جعل والدتها تشعر بالقلق وتخشى أن يصيب ابنتها نوبة اكتئاب حادة قد تؤدي بها إلى الاڼتحار مثلما حذرها الطبيب الذي قام بفحصها عندما امتنعت عن تناول الطعام.
اتفقت أسماء مع أحد الأشخاص المختصين في هذا الأمر وبالفعل حضر هذا الشخص بعد بضعة أيام برفقة مجموعة من العمال الذين يعملون تحت إمرته وكان أحمد من بين هؤلاء الشباب والذي وقع في حب هبة من النظرة الأولى وسعى جاهدا لكي يتقرب منها.
وجهك جميل وعيناك ساحرتان ولا يلائمك الحزن فحورية مثلك قد خلقها الله حتى تنعم بالدلال على يد من يقدر قيمتها.
تملك الضيق من هبة ليس لأن أحمد يتعمد مغازلتها بكلمات رومانسية وباللغة العربية الفصحى مثلما يحدث في الروايات التي تقرأها بل لأنها بدأت تتأثر
بكلماته التي تدغدغ مشاعرها وصارت تجلس كل يوم وتنتظر سماع عبارات الغزل من أحمد الذي أنقذها من مستنقع الاكتئاب الذي كادت تسقط به لو ظهوره في حياتها.
محاولات أحمد وإصراره على التواصل مع هبة جعلها مع مرور الوقت تخرج من عزلتها وتبدأ في الاكتراث لأمره وقد تطور الأمر سريعا إلى أن وقعت في حبه وصارت لا تستطيع أن تعيش من دونه.
ابتسمت هبة بشدة وهي تجلس برفقة مروة في كافتيريا الجامعة وذلك بعدما قرأت الرسالة التي أرسلها أحمد قبل لحظات قليلة وكان محتوى هذه الرسالة هو جملة يعبر فيها أحمد عن حبه الشديد لها حيث قال
عشقك موشوم ومقترن بروحي وملامح وجهك محفورة في عقلي لأنني عشقتك وانتهى الأمر وصار مفتاح قلبي بين يديك يا أميرتي الجميلة لا أتخيل أن يمر يومي دون أن أستمع إلى صوتك الذي يطرب قلبي ويجعلني قادرا على استكمال يومي وأنا أشعر بالسعادة لأنك بقربي.
لم يعد بإمكان مروة أن تتحمل رؤية صديقتها الوحيدة وهي يتم خداعها بهذا الشكل ولهذا السبب قررت أن تصارحها بالحقيقة التي علمتها قبل فترة قصيرة ولكنها كتمتها في نفسها ولم تخبرها بالأمر حتى لا ټجرح مشاعرها.
حمحمت مروة قبل أن تبدأ حديثها بالجملة التي أثارت ڠضب هبة
هبة أنت مينفعش تكملي مع أحمد ولازم تسيبيه في أسرع وقت ممكن لأنه مش مناسب ليك وأنا بقول قدامك الكلام ده مش عشان غيرانة منك لا والله العظيم أنا بحبك وعايزة مصلحتك وأحمد هيدمر حياتك لو فضلت معاه.
تفاجأت هبة من حديث صديقتها الذي ضايقها ولكنها تمالكت أعصابها وسألتها بلهجة حادة تدل على شدة انزعاجها
إيه الكلام اللي بتقوليه ده يا مروة وليه بتقولي كده أصلا وأنت مش عارفة أي حاجة عن أحمد!
أجابتها مروة بصراحة ودون أي محاولة للمماطلة في الحديثة فهي تريد أن تنقذ رفيقتها حتى لو كان الثمن هو التسبب في حزنها لبعض الوقت
مين قالك أني معرفش أي حاجة عن أحمد! يكون في علمك هو يبقى ابن عم مالك أخو آية مرات ياسين أخو عمرو خطيبي وأنا شوفت صورته بالصدفة لما كانت بتفرجني على صور عيلتها وهي اتكلمت معايا عنه وقالت أن هو واحد مدمن وأن أهله حاولوا كتير يعالجوه بس هو رافض فكرة العلاج وكمان اټخانق كذا مرة مع أمه وسايب البيت ومش قاعد مع عيلته وبيشتغل صنايعي عشان يصرف على الحاجات اللي بيتعاطاها.
وكانت هذه هي أولى الصدمات القاسېة التي تلقتها هبة من ناحية أحمد ولم تكن