حلم ولا علم بقلم منى لطفي
تخافش على بنتك يا ابو حجاج حتى لو وقعت هقع واقفة ...
ضغطت جرس الباب بفرحة ففتحت سميرة والتى ابتسمت ما ان رأتها وهتفت بحبور
اهلا اهلا ست هبة اتفضلي ..
دخلت هبة سريعا وهى ترد تحيتها سائلة اياها عن الجميع فاخبرتها انهم في غرفة الجلوس بانتظارها هي ووالدها وأن امجد بغرفة المكتب لم تستطع هبة التوجه اليهم اولا بينما حلمها يقبع على بعد خطوتين منها وهى تريد مفاجئته فهي تشعر انه قد اشتاق اليها في المدة التى سافرت فيها تماما كما افتقدته كلام اخته عنه يؤكد احساسها وطريقته في الحديث معها وكيف قال لها آخر مرة بشوق غريب
فوعدته هى تعلم انها لا بد لها من القاء السلام على العائلة قبلا ولكنها لا تستطيع الانتظار فما كان منها الا ان توجهت فورا الى حجرة المكتب حيث كان الباب مواربا قليلا ففتحته باندفاع وهى تقول مبتسمة راسمة في خيالها جميع انواع الاستقبال الا....!!
ما لبثت ان ماټت البسمة على شفاهها عندما شاهدت امجد وهو .....يحضن سارة ...سمع امجد شهقتها فأبعد سارة سريعا عنه وهو يتقدم الى هبة مادا اليها يده وهو يقول برجاء
لالالا يا هبة ما تتسرعيش انا هشرحلك
امسك بيدها التى ابعدتها عنه وهى تدفع يده بعيدا وتضربها قائلة وهى تبكى
ايه تشرح لى تشرح ايه بالظبط
أقسم بالله ما في حاجه من اللى في خيالك دي حصلت ..
ثم نظر الى سارة وصړخ
ما تقوليلها يا سارة !!
ابتسمت سارة بخبث سرعان ما أخفته وقالت بحزن كاذب
اقول ايه بس يا أمجد
هتفت هبة بقرف وااضح وهى تخلع خاتم خطبتها من يدها وتقذفه بها
لا ما تتعبيش نفسك مافيش اي شرح ابدا يخليني اكدب عينيا وخد دبلتك دي ماتلزمنيش اديهالها هي..
وصلت هبة الى باب المدخل حيث فتحته بشده وكاد ان يقترب منها ويمسكها.. كاد... ولكنه ابصر ما لم تبصره وهى تركض فصړخ بها ولكن بعد فوات الاوان فقد تعثرت في سلم باب المدخل حيث وقعت و ضړبت رأسها وبقوة في رخام السلم ركض اليها أمجد سريعا ونزل على ركبتيه بجانبها وهو يمسكها بحرص فيما عيناها مغمضتان وهتف بهلع وحزن
لم يصدر عنا أية استجابة فتابع صارخا بصوت يقطع نياط القلوب بينما انهمرت دموعه في غفلة عنه وهو ېصرخ
هبة حبيبتي هبة لا ما تسيبينيش بعد ما لاقيتك ...
ثم صړخ في الجميع والذين حضروا وشاهدوا ما حدث هبة
اسعااااااااااف .. حد يجيب اسعااف بسرعه ...تقدم علاء مسرعا وهو يقول
رفع يده التى كانت ممسكة براسها ليشاهد ډمها وهو يغمر يده وابصر بقعة كبيرة من الډماء مكان سقطتها في حين سمع صوت بكاء والدها وهو يقبض على كتفه ويقول
هبة بنتى ... عملت فيها ايه ! هبة ماټت.. ماټت... ماټت!!...
نظر اليه في ذهول وفجأه اذ به يتذكر ضحكتها وشقاوتها عصبيتها وحنانها تذكر وجهها المبتسم الضاحك ثم.. فجأة.. صړخ صړخة الم شديد واحتضنها بشده وهو يقول
هباااااااااااااااااة .... لااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا....
الحلقة الحادية عشر
وقف أمجد مستندا الى الحائط يحدق في الفراغ بينما جلس افراد عائلته وكل واحد منهم يدعو و يبتهل الى الله ان يكتب ل هبة الشفاء فهم لا يستطيعون تخيل اختفاء ابتسامتها من حياتهم جلس والدها يتلو آيات الله من مصحف صغير ولسانه لا يكف عن قراءة القرآن وقلبه لا يكف عن الدعاء لصغيرته فهي دنياه وأمله كان يقرأ وهو لايشعر بالعبرات التى أخذت تتدفق من عينيه وهو يتذكرها في كل مراحل عمرها بدءا منذ كانت رضيعه نهاية بعروس تتحضر لحفل زفافها والذى كان من المفترض ان يقام بعد سويعات مرورا بذكرى اول مرة تنطق بابا وماما واول يوم لها في المدرسة وكيف انها صارت السبب الرئيسي الذي منعه من الاڼهيار بعد ۏفاة شريكة الروح والعمر هى بشقاوتها وطفولتها وبساطتها في الكلام يدعو الله بقلب مخلص الا يذيقه مرارة فراقها ....
تقدم علاء من أمجد ووضع يده على كتفه قائلا
ان شاء الله خير يا أمجد انا حاسس انها هتقوم بالسلامة صدقنى انا يمكن معرفتهاش غير مده بسيطة بس كأنى اعرفها من زمان هبة انسانه طيبة اووى وربنا هيقف جنبها ان شاء الله ويرجعهالنا بالسلامة..
نظر أمجد الى اخيه بعيون ذابلة ولا يزال بملابسه التى احتضن بها وقال بخفوت والم شديدين
بئالهم 44 ساعات في العمليات يا علاء انا هتجنن !! انا مش متصور انى قاعد هنا زى المشلۏل ومش عارف الباب دا ايه اللي وراه
ثم نظر الى الارض وهو يكمل قائلا ببسمة مريرة
آخر مرة سمعت صوتها امبارح بالليل قولتلها وحشتيني خالي بالك من نفسك ! يمكن كنت حاسس وهى ردت عليا بتضحك وتقول... قال يعني لو جرالى حاجه هتزعل عليا ! زعئتلها وقولتلها ما تقوليش كدا ردت عليا بشقاوتها... يا عم الحاج هتعملهم عليا كبيرك اسبوع ويبقى كتر الف خيرك وتنسى !! الرجاله مش زينا احنا الستات ممكن نقعد عمرنا كله على ذكرى واحد بس لكن انتو لكم الف حجة وحقكم ما قلناش حاجه.. بس علشان تعرفو مين اللي بيزعل بجد على مين
ثم نظر اليه وهو يكبت دموعه وتابع
انا بأه عاوزها تصحى علشان اقولها انها غلطانه وان الرجاله بتعرف تحزن وتعيش على ذكرى واحده هى كمان بس ... بس .. ترجع يا علاء ترجع... عاوزها ترجع ...
ثم انخرط في بكاء مرير جعل علاء يتلقفه بين ذراعيه و كأن دموعه قد هدمت سدا وفاضت على لحيته الخفيفة ووجهه ...قال علاء وهو يغالب دموعه هو الآخر حزنا على هبة وعلى حال اخيه الأكبر فهو لا يذكر متى كانت آخر مرة شاهد فيها أمجد يبكي حتى عند ۏفاة والدهما لم يبك أو ينهار بهذا الشكل بل صمد وتماسك وكبر قبل أوانه ...
هترجع يا أمجد ان شاء الله... هترجع ....
فتح باب غرفة العمليات فاندفع الجميع الى الطبيب الذي خرج تبدو على ملامحه الجدية البالغة وكل واحد منهم يسأله نفس السؤال كيف هي فأشار بيده ليطمأنهم قائلا
الحمد لله العملية نجحت المشكلة ان الڼزيف كان في جزء حساس من المخ والحمد لله قدرنا نسيطر عليه بس ....
قاطعه أمجد قائلا وهو مقطب جبينه
بس بس ايه يا دكتور
اجاب الطبيب
احنا مش هنقدر نحكم على النتيجه قبل مرور 24 ساعه على الاقل علشان كدا هى هتفضل في غرفة العناية المركزة لغاية ما تفوق و نشوف النتيجه ..
تساءل أباها بلهفة وقلق
طيب نقدر نشوفها يا دكتور
ترقب أمجد اجابة الطبيب بقلق وسمعه وهو يقول
لا... للأسف مش قبل مرور 24 ساعه لغاية مانشوف الحالة اخبارها ايه علشان كدا هى هتفضل في العناية المركزة لغاية ما تفوق و نتيجه العملية تبان عن اذنكم ..
ثم انصرف ... جلس كل منهم وهو يدعي ان تمر ال 244 ساعه القادمة على خير ... اقترب الجد من والد هبة وقال
أ. يوسف افتكر قعدتنا هنا دلوقتى مالهاش لازمة اكتر شئ هينفعها دعانا ليها تعالى نروح... انت بتاخد دوا للضغط ودا مش كويس علشانك وبكرة من بدري هنكون هنا ان شاء الله..
هز والدها برأسه رافضا للكلام قبل حتى ان ينتهى منه الجد وقال بجدية وحزن
معلهش يا علي بيه انا مش همشي من هنا قبل ما بنتي تفوق واطمن عليها وهاخدها وامشي من هنا اللي جرالها كتيير أووى انا عاوزها تفووق بس.. وصدقني انسوا انكم شوفتونا في يوم لان اللى جرا لبنتى عمرى ما اقدر انساه او اسامح فيه ..
أجاب الجد وهو يربت على كتفه ويهز رأسه متعاطفا
معلهش انا مقدر حزنك على هبة وما تفتكرش انى بجاملك.. لكن هبة معزتها عندى لو اقولك اكتر من علا حفيدتي مش هتصدقنى ! هبة دخلت قلوبنا كلنا وحبيناها ومش ممكن ننساها انا عارف انه حقك طبعا انك تفكر كدا لكن انت دلوقتى زعلان وڠضبان من اللي حصل ونصيحه من اخ اكبر.. عمرك ما تاخد قرارات ناتجه عن عصبية او انفعال وفى الآخر اللي يرضيك احنا موافقين عليه ...
نطق جملته الاخيرة وهو ينظر بصرامه الى أمجد الذى كان يستمع الى الحوار الدائر بينهما ولم يرض بالتدخل في الحديث ولكن لدى عبارة جده الاخيرة الټفت وسار حتى وقف امامهما وقال بكل هدوء وجدية
الف حمدلله على سلامة هبة يا عمي .. انا متأكد انها ان شاء الله هتقوم بالسلامة ...
نظر والدها اليه شرزا ولم يجبه ... وما ان بدء أمجد بالسير مبتعدا حتى عاد ونظر الى والدها وهمس ببطء شديد
انا مقدر حالة حضرتك كويس اووي ومراعي الظروف لكن صدقنى.. هبة اول ما تقوم بالسلامة مش هتتنقل خطوة بعيد عني .. عن اذنك ....
كاد أمجد أن يجن من شدة لهفته لرؤية هبة ولكن كيف وهى في العناية المركزة وممنوع عنها الزيارة .. تقدمت والدته اليه وربتت على كتفه وقالت
أمجد حبيبي .. وقفتك كدا مالهاش لازمة .. تعالى حبيبي روح على الاقل استحمى وغير هدومك انت بيها من امبارح...
نظر الى قميصه الملطخ بدماء.. هبته... هبة خاصته... ثم سكت قليلا قبل ان يجيب
مقدرش يا امى ... مقدرش امشي واسيبها .. افرضي فاقت وانا مش موجود .. لالا انا هفضل موجود ...
فقالت والدته
طيب على الاقل غير هدومك ..
ولكنه اصر على الرفض فهزت برأسها يأسا من عناده الشديد ثم طلبت من علاء ان يوصلها هى والجد و علا الى المنزل وذهبت لتحاول ثانية مع والد هبة حيث أقنعته بعد جهد طويل انه من الافضل له ان يذهب معهم كى يأخذ قسطا من الراحه كي يكون بحاله جيده لدى استيقاظ هبة ....
مكث أمجد على كرسي في غرفة الانتظار وبعد فترة دخل عليه اخاه وهو يقول
خد يا أمجد غير هدومك...
نظر اليه أمجد مستفهما وهو يرى علاء يمد اليه حقيبة بلاستيكية في حين تابع علاء
آه انت عارف والدتك صممت أجيبلك هدوم نضيفة معايا واتفضل شوف بأه هتعرف تقعد هنا ازاي بس انت مش هتغلب دي اكبر مستشفى استثمارى وانت من المساهمين الرئيسيين فيها تعتبر المالك يعني من الآخر فلو قولتلهم يفضولك