الإثنين 25 نوفمبر 2024

مزاج العشق المر بقلم سلمى المصري

انت في الصفحة 30 من 71 صفحات

موقع أيام نيوز


الممرضات لتهتف فى تأفف 
قلت مش عاوزة 
وقطعت كلماتها ليتسع ثغرها وتنهمر دموعها فى حرارة هذا بالفعل كل ما كانت تحتاجه الان 
الفصل السابع عشر 
ارتمت صوفيا بسرعة بين ذراعي ايلينا وكأنها افتقدتها منذ مائة عام 
أخذت تتمتم بين دموعها 
سيبتينى لييه ايلينا سيبتينى ليه 
جلست ايلينا فى المقابل وهي تضمها فى قوة تحاول بها التغلب على ارتعادها ونحيبها بينما تمرر اصابعها في شعرها وتقبل رأسها فى حنان حاولت ان ترفع وجهها لتتحدث اليها ولكن الأخرى أبت ذلك وتشبثت بها أكثر 

رضخت ايلينا لرغبتها وأبقتها دقائق في أحضانها تهدهدها كطفل صغير 
أغمضت صوفيا عينيها بقوة قبل أن ترفع رأسها بصعوبة من على صدر صديقتها كأنه قد التصق به 
احتوت ايلينا وجهها بين كفيها مسحت بابهاميها دموعها وهي تمنع نفسها بصعوبة من مشاركتها البكاء صوفيا ليست مجرد صديقة صوفيا أعدتها طفلتها لسنوات طويلة رؤيتها وهي تتمزق قهرا شىء لا تحتمله مطلقا 
صوفيا حبيبة قلبي مالك 
ارتمت صوفيا بين ذراعيها من جديد كأنها تختفي في حنانها من قسۏة العالم وظلمه كأنها تخشى أن يسلبها حضڼ صديقتها وأمانه كما سلبها كل شىء 
ارجوكي ايلينا احضنيني وبس خليني اعيط لحد ما اكتفي ومن غير ما تسأليني ممكن 
أحاطتها ايلينا بذراعيها واخذت تربت على ظهرها لتبكي صوفيا من جديد قهرا على حبها الضائع 
تبكي النبذ الذى ستظل تعانيه عمرها بأكمله تبكي الذنب الذى تحاسب عليه دون أن ترتكبه 
مر يوسف بالحديقة قبل أن يدلف للقصر ليجد علي الصغير جالسا على احدى الطاولات وهو يتحسس بيده كتابا بطريقة برايل ابتسم كعادته حين يرى هذا الصغير الذي يذهله دوما رؤيته تبعث السعادة الى أي نفس مهما حملت من مشاق يكفيها نظرة الى هذا الملاك لتنفض عنها كل ما تختنق به من هموم خلع نظارته الشمسية وسار في اتجاهه ببطء وقف الى جواره للحظات يتبين ان كان سيكتشف وجوده أم لا ولم يخطأ ظنه اذ ابتسم علي وهو يقول في بساطة أهلا يا يوسف 
ضحك يوسف وهو يجذب مقعدا ليجلس امامه يسأله في حيرة 
لا بجد بقا قولي عرفت ازاي أنه أنا من غير ما اتكلم حتى 
هز علي كتفيه وهو يشرح له 
اولا بحس أن فيه حد جاي من صوت خطواته حتى لو هوا حاول يداريها فيه احساس بسيط ودني بتستقبله الخطوات بالنسبالي زي البصمة كل واحد فيكو ليه خطوة معينة وطبعا ريحة كل حد بتأكد البصمة دي 
رفع يوسف حاجبيه في ذهول هذا الطفل يخدعهم بالفعل هو رجل متنكر في زي وصوت طفل كيف لمن في عمر التاسعة أن يتحدث بهذا الأسلوب والمنطق بل أن يقضى جل وقته في قراءة كتب لا يستوعبها عقله هو الراشد 
قاطع علي أفكاره التي يعرفها جيدا ومل من تفكير غيره دوما به هكذا هل ينتظرون من طفل كفيف أن يحيا العمر ساخطا على حرمانه من حاسة حباه الله بعشرة أمامها انه يرسم العالم بذهنه هو بخياله البريء الذي لم يلوث بعد بأحقاد البشر 
قولي يا يوسف عامل ايه مع ايلينا 
ابتسم يوسف حين سمع اسمها منه كل منهما بالفعل يليق أن يكون أخا للاخر 
كويسين بس اضطرينا نرجع عشان تعب صوفيا 
ومال اليه يربت على كفه قائلا 
المهم دلوقتي طمني عليك عامل ايه مش محتاج أي حاجة 
رد علي في امتنان 
الحمد لله أنا بخير طول ما انتو بخير 
واصل يوسف في حنان 
علي انت عارف انا بعزك قد ايه ومش عشان انت أخو ايلينا ولا ابن عمو سمير الله يرحمه لو احتجت أي حاجة في أي وقت اطلبها مني أنا 
مد علي كفه ليربت على كف يوسف وهو يبتسم في ود 
اللي ممكن أطلبه منك انك تخلى بالك من ايلينا ايلينا بالنسبالي كل حاجة اختي وأمي وحبيبتي و 
قاطعه يوسف مازحا 
ايه يا حاج علي أنا كدة هغير 
وأردف في جدية 
ايلينا بقت حته مني يا علي بقت بالنسبالي كل حاجة اطمن 
تنهد الصغير وهو يضع كتابه على الطاولة 
ربنا يسعدكو 
وقفت ايتن فى تردد امام باب منزله 
تمد يدها الى جرس الباب ثم تعود فى منتصف الطريق 
تعبث فى خصلات شعرها الاسود 
تقضم اظافرها وهى تحاول ان تتخذ تلك الخطوة التى عزمت عليها واصبحت اكثر صعوبة حين دخلت حيز التنفيذ لم تتخيل للحظة ان حسام بامكانه التخلى عن كل شىء عن عمله ومكانته وعنها ايضا 
غرورها الذى صنعته من الأصل مشاعره الجياشة نحوها صور لها انه قد يتنازل عن اى شىء من اجلها وانه بسهولة سيصفح عنها ويتناسى كل ما حدث انقطعت حيرتها وحسام يفتح الباب فجأة 
انتفضت للخلف فى فزع بينما حافظ الثاني على توازنه رغم المفاجاة التى واجهته بدوره ربما صډمته الكبرى فيها افقدته اى شعور بالصدمة بعدها 
استند بكفه على الباب وهو يأخذ نفسا عميقا ليقول فى حدة 
خير يا ايتن اللى جابك هنا 
ازدردت ريقها تجيبه فى تلعثم 
هنتكلم على الباب 
نظر خلفه لحظات وعاد ينظر لها قائلا في حدة 
انا عايش لوحدى 
تنحنحت فى حرج لتجلي صوتها لم تعتده حادا هكذا من قبل 
حسام انا عاوزة اتكلم معاك لو سمحت 
عض على شفته السفلى وتنحى جانبا لتدخل وهو يقول باقتضاب 
اتفضلى 
راقبها وهى تدخل لتجلس على اول مقعد صادفها فى الصالون 
نظر الى الباب ليتركه مفتوحا ويقف الى جوار مقعد مقابل وهو يعقد ساعديه ويتأملها قائلا 
ايتن قولى اللى عندك بسرعة لو سمحتى عشان ميصحش تفضلى موجودة هنا كتير 
شابكت اصابعها ببعضها البعض وهى تنظر ارضا وتتساءل اين ذهبت خطبتها العصماء التى جهزتها مسبقا 
اين تاهت كلمات الاعتذار 
ربما لانها لم تجد حسام بالاڼهيار الذى توقعته انهياره كان سيسهل من مهمته كثيرا ليفلت منها كلمات التعاطف دون حساب حسام الذي تعرفه ليس بهذه القوة والقسۏة مطلقا قسۏة لم تسمح سوى بكلمة واحدة من بلوغ شفتيها 
اسفة 
دق باصابعه على الكرسى الذى يستند عليه قائلا فى برود 
على ايه 
رفعت رأسها اليه فى بطء 
من فضلك يا حسام بلاش الطريقة دى زعقلى صړخ فيا اشتمنى حتى بس بلاش كدة 
ضحك في صخب وهو يفرك كفيه في تهكم واضح 
اه انتى جاية لحسام القديم بقا او خلينا نقول بشكل ادق حسام اللى انتى بتشوفيه بطريقتك العاشق الولهان فى تراب رجليكى اللى ضيع عمره كله واحلامه وطموحه عشان بس يبقا جنبك حسام الضعيف بحبه ليكى حبه اللى خلاه يتنازل مرة واتنين وعشرة من غير ما يحس انه بدا ييجى على كرامته بزيادة الذنب مش ذنبك انا اللى كنت اعمى 
وفتح ذراعيه ليواصل 
ودلوقتى خلاص اتخلصت من ضعفى هرجع اعمل حياة جديدة غير الحياة اللى لخصتها كلها فيكى 
تمعنت به شابتها دهشة وهي تراقب حسام الجديد الذي لم تصادفه طيلة عمرها بأكمله 
ابتسم بزاوية فمه فى سخرية 
ايه كنتى متوقعه هتيجى تلاقينى مڼهار وحابس نفسى يا حرام وبشرب وبسكر عشان انسى ومش بعيد كمان اكون شانق نفسى مش غرورك كان ممكن يوصلك ده 
واضاف وهو يشير بسبابته الى صدره في جدية 
انا فوقت يا ايتن خلاص فوقت 
تمعنت به اكثر حاصرته بنظراتها تلتهم ملامحه التي تراها لاول مرة بتلك الصلابة وكأن تلك الصورة الهشة التى كان عليها دائما لم تكن له او ان غرورها بالفعل هو ماكان يصور لها هذا تصورت بالفعل انه يعيش حالة اڼهيار وصدمة شعرت بالشفقة عليه لهذا جاءت هل بالفعل تخطاها بهذه السهولة 
تنهد وهو ينظر الى ساعته يخبرها في حسم 
انا اسف جدا عندى شغل ولازم انزل 
حكت جبينها بكفها فى تردد لم يمنعها من سؤالها التالي رغم علمها بمدى وقاحته 
يعنى مش هشوفك تانى 
انا من النهاردة بالنسبالك زى زين

ويوسف وقت ما هتحتاجى حاجة هتلاقينى 
تجمدت فى مكانها للحظات تتساءل لماذا ضاق صدرها بتلك الجملة وهى طالما تمنتها منه 
لماذا الان لاتقبلها مطلقا 
اهو شعور التملك 
اهي رغبتها فى ان يرضى غرورها كأنثى ويظل يحتفظ بحبها الكبير فى قلبه رغم ما حدث 
لما تراه اليوم بشكل اخر غير الذي اعتادته طيلة عمرها ليس فقط في طباعه بل في ملامحه 
نظرة أخيرة اليه والى الباب الذي وقف الى جواره ليطلب منها الرحيل جعلتها تشعر لأول مرة أنها خسړت الكثير 
ألقت هاتفها فى غيظ بعد ان قرأت رسالة جديدة من رسائل لاتعد ولا تحصى من صديقاته القدامى تحاول كل منهن دائما ايهامها باستمرار علاقتها به 
فتحاول هي بالمقابل التشبث بكل ذرة ثقة وضعتها فيه واقناع نفسها بنظرية الوقيعة التي تتبناها مثلهن للظفر به من جديد 
ولكن الأفاعي لعبن على اضعف وتر لديها 
الغيرة 
ان لم ينجحن فى اقناعها بخيانته فعلى الاقل اوصلنها الى التفكير فى علاقاته العابثة من قبل كادت فى كل مرة ان تفقد عقلها وهى تتخيله مع اخرى قبل ان تدخل هى حياته 
تمنت لو كانت اول انثى تخط ذكرياتها على صفحة قلبه 
دائما يذكرنها انها حرمت هذا الحق وأن قلبه يحمل صفحات من
ذكريات طويلة له مع أخريات 
سؤال خبيث يكاد يفقدها عقلها تماما هل من الممكن ان يحن الى ماضيه فى يوم ما حين يكتفى منها ويخفت شغفه بها 
استغرقت فى أفكارها تماما حتى عادت الى واقعها بقبلته على شعرها 
رفعت رأسها بابتسامة جاهدت كثير لترسمها على شفتيها 
تبادل معها حوارا عاديا وهو يبدل ملابسه حتى تفاجىء بسؤالها 
يوسف انت ليه مش عاوزنى ارجع شغلى 
توقف لحظة وهو يضع ملابسه فى الخزانة والټفت لها قائلا فى هدوء 
انا مرفضتش انك ترجعى الشغل بس لو هترجعى هترجعى مديرة لقسم التصميمات مش مديرة لمكتبى فاجئها بما قاله فسألته فى حيرة 
وليه بقا 
تمعن بها للحظات هل يخبرها انه اعتاد دوما ان يفصل بين حياته الخاصة وعمله وانها بالذات ستفقده تلك العادة تماما فان بقيت امامه لن يهتم حينها بشىء مطلقا سواها شغفه بها قد وصل حد الهوس واذا عادت الى عملها فربما فقد اعصابه فى أي لحظة وقبلها او ضمھا ليس ربما بل مؤكد هذا سيحدث ليراهما اى موظف فى وضع غير لائق 
هيا الاجابة صعبة اوى كدة 
قالتها ايلينا وهى تعقد ساعديها فى مواجهته سامحة لكل شياطين الكون ان تتناول عقلها بالشك كما تشاء وأضافت بسخرية 
ولا عايز تكون على راحتك 
رد فى حدة وقد ازعجه ما رمت اليه 
قصدك ايه 
قطبت جبينها تجيبه في ڠضب 
انت فاهم قصدى كويس شكلك كدة حنيت لمغامراتك القديمة 
زفر محاولا الحفاظ على هدوئه وهي تخبره صراحة بانعدام ثقتها به 
يبقى الحكاية بقا مش حكاية شغل سيادتك عايزة تراقبينى مش مكفيكى التلفون اللى كل ليلة بتقعدى تفتشى فيه عاوزانى اكون تحت عنيكى على طول 
حاولت الرد فاوقفها بكفه قائلا وهو يحتد بنبرته اكثر 
احنا قبل ما نتجوز وانتى عارفة ان كان عندى ماضى وخلاص انا رميته ورا ضهرى ومش
 

29  30  31 

انت في الصفحة 30 من 71 صفحات