الخميس 19 ديسمبر 2024

لعبه بلا نهايه بقلم يسرا مسعد

انت في الصفحة 15 من 57 صفحات

موقع أيام نيوز

بنفس القتامة وكأنه جاء ليحضر عزاءا وليس زفافا ورجلان آخرين والسعادة تشع على محياهما كقريبتهما التي كانت تردد كلمات لا تقدر بثمن وراء الشيخ وأخيرا زوجها المتصلب الهارب بنظراته حتى من عروسه الجميلة فكره وعقله منصرف بالكامل عن الجميع أنظاره متركزة على الشيخ يخط بقلم حاد الإنحرفات قائم الزوايا بحروف اسمه فوق عقد الزواج وانتهى المشهد وزفرت الأنفاس بعضها إرتياحا والآخر كان خيبة إلا أنفاسها التي كانت تتوق لتلك اللحظة منذ بداية اليوم لتقول بصوت قوي قاتم قاطع لتلك الزفرات مشتتا لتلك الراحة مختزلا لتلك الخيبة الايقبل النقاش أو الجدل أو حتى إعادة التفكيير ولا الرجعة
.. طلقني با جاسر
وأصابت أنظاره المصډومة مرماها أخيرا ومرساها إذ تعلقت بقسمات وجهها من علياء وصمت لف الحجرة بإحكام حتى خنقها والأنظار متصلبة بين الاثنان والأنفاس محتبسة وقام ليواجه فليس من شيمته التقاعس والڠضب بشياطينه اجتمعا فوق رأسه تطلب الإنفصال عنه أمام ذاك الجمع الغفير تثبت للجميع أنه فشل فشل بإحتواء زوجته وضمان موقفها ومباركتها كانت زيفا لقد خدعته على مدار تلك الأيام الماضية كانت تتوارى بظلال هروب وخنوع وهي تدبر للتخلص منه كانت تخطط لهذا المشهد منذ أن صارحها بقراره لتضعه بين شقي الرحی إما أن يتخلى عنها أو يعلن رفضه ويعلن معه ضعف جاسر سليم أمام إمراة أكان ذلك إنتقامها منه يستجدي بقائها إلى جواره يرجوها عدم الرحيل والتفكير بالأمر مرة أخرى تنتظر منه ركوعا وخنوعا أمام أعين القريب والغريب ولكنه مع ذلك أجبر نفسه للتغاضي عن تلك المشاعر والأفكار السوداوية التي أصابت رأسه نعم هو لم يكن من يخنع ويركع لأمرأة قط ولكنه كان ليساوم ويجبرها عن التراجع وصوته الجامد أعلن
.. والولاد 
تلك الكفة الرابحة الكفيلة بإعادة الميزان لاعتداله وربما أكثر قليلا نحو صالحه ولكن سوء الحظ كان رفيقة وتلك المساومة خيبت رجاءه بنتيجتها التي أعلنت على

لسانها بأمر غير قابل للنقاش ولا
لاعادة المحاولة 
.. ولادی مش هيسيبوا بيت أبوهم هبقي آجي أنا أشوفهم مهما كان هفضل أنا أمهم 
لقد وضعته بخانة اليك كما يقولون مزقته بين رحى كبريائه وإحتياجه لم تترك له خيارا فهو لم يكن ليستجدي بقاء من أعلنت رفضها له ورغبتها بالإنفصال عنه لم يكن ليرغب بخائڼة نعم هي خانته بارکت خطواته ومنحته صك غفرانها ووعد بتحمله للأبد والآن نكثت عهدها وأمام الجميع أعلنتها صراحة وطلبها غير قابل للرفض ومساومته له باتت خائبة لا قيمة لها إذ أنها كانت متحملة لنتائجها بالكامل وراضية بقسمتها ونصيبها وكيف يعلن رفضه بل وكيف يتمادی بضغطه عليها أيتزوج من أخرى ويحرم زوجته الأولى صغارها كيف سينظر له الناس بعدها كان ذلك ممكنا بين جدران غرفتهم كان ليكون سرهم كان ليقدم الاعتذارات والوعود لها بل كان من الممكن أن يتخلى عن الأمر برمته إرضاءا لها إن فشل بالحصول على رضاها ولكنها لم تمنحه تلك الفرصة لقد منحته مباركتها ليتمم تلك الزيجة لتنسحب بعدها من حياته ربما كانت تلك رغبتها الحقيقة طعنته بظهره والطعڼة يجب أن ترد
.. أنت طالق
شهقة وصلت لأسماعه وربما كانتا شهقتان وكلاهما تخص آشري وعروسه وتقدم خطوات غاضبة نحوه تخص أخيه الأوسط أما زوجته أو بالأحرى من كانت زوجته تلقت طعنته بصدر رحب وتقدمت منه بخطوات محسوبة لتنظر له نظرة أخيرة لم يفقه معناها ولكنها كانت تلتمع بعبرات النصر ثم خرجت بخطوات شامخة وكأنما كانت هي من تربط الجمع ببعضه وكأنه عقد وانفرط عند إنصرافها تفرق الجميع بخطوات مشتة وبقي هو برفقة عروسه التي كانت تحاول إستيعاب الموقف وتسترجع تفاصيله شاردة حتى أفاق على صوت أمه الصارم التي كانت تقول قبل إنصرافها مستندة على عكازها بقسۏة بالغة.
.. قدم قدم سعد ياعروسة
فرفعت لها داليا وجهها وهمت برد غاضب ولكنها كتمته عندما طالعت ملامح زوجها المكفهرة الذي خرج ليراقب وداع من كانت زوجته لصغارهما الباکیان وهي تقول بصوت هادىء 
.. وبعدين إحنا مش كنا اتفقنا خلاص
فقال سليم وهو يبكي
.. وتسيبينا لوحدنا ياماما 
ربتت فوق رأسه وقالت بحنان
.. أنتوا مش لوحدكوا معاكوا بابا وتيته 
ثم جذبتهم وهمست بأذنهم بأمرا ما كان كفيلا بإعادة البسمة ولو كانت صغيرة متوجسة لوجوههم الباكية وقبلتهم وقامت وهي تراقب إنصرافهم للأعلى برفقة نعمات التي كانت تهديه نظراتها الغاضبة بغير حساب ومضت هي بخطواتها نحو الخارج واستوقفها قبل أن تنصرف قائلا بصوت يكتم ڠضبا لا حدود له
.. فكرتى وخططتی کویس حتى أتفقتي مع الولاد 
نظرت له وهي ترفع أنظارها ربما تغير فيها الكثير إلا أن قامتها القصيرة لم تكن لتغير والغريب أيضا تلك اللمعة بعيناها وهي تلمس ردائها القديم قائلة بكبرياء 
.. لا الخطط والأفكار دي طول عمرها بتاعتك أنت أنا كل اللي عملته إني افتكرت 
اقترب منها وقال بصوت غاضب يخالطه اللوم 
.. افتكرت النهاردة وقدام الناس إنك مش موافقه ياسالي 
هزت رأسها نافية والدموع تتقافز بعيناها وهي تقول بهمس مسترجعة ذكريات قريبة 
.. إني بنت محسن اللي أخدتني من فوقه سطوحه المليان ورد وأماني . . . بالفستان ده
وتجسدت له الذكريات حاضرة وكأنما يسمع الضحكات من جديد وتشق أذنيه الوعود التي ألقاها لذاك الرجل الطيب بعناية صغيرته والإحسان إليها وأغشت أنظاره ظلال تلك الفتاة الحالمة التي كانت أبصارها تتعلق دوما به بشغف وعشق ورغبة بحياة سعيدة وعندما عاد للواقع كانت قد اختفت من أمام ناظريه وأضحت تماما خلفه بطريق تشقه بخطوات مسرعة نحو الخارج ودون وداع وما بقي أمامه سوى ظل أخيه القاتم الذي باغته بوعده وصدقت نبؤته 
.. ولسه ما تعرف كويس أوي قيمتها 
واڼفجر بركان الڠضب داخله فقال يإتهام
.. يبقى أنت اللي حرضتها 
أرسل له ضحكة هازئة ثم اقترب منه وهو يقول غاضبا 
.. لاء أنت اللي حرضتها كنت فاكر أنك تفضل تدوس وتدوس وهيا إيه 
صمت قليلا وهو يراقب رأس أخيه المنكس وأنفاسه المتسارعة ثم قال بهدوء ساخر
.. مبروك ياجاسر فزت بعروسه قصاد إنك ترجع شركة أخوك التي اتسرقت منه بلعبة ستريب بوكر 
وشدد على تلك الكلمات وهو يعلم أن الآخر بالذكاء الكافي ليفهم مقصده ثم أردف بهدوء مرة أخرى
.. ومعلش هاردلك أيه يعني معرفتش تحتفظ بمراتك الطيبة بنت الأصول ولا حاجة في عالم جاسر سليم
رفع جاسر إصبعه مهددا ثم قال پغضب محتقن 
.. أسامة مسمحلكش متنساش أنها بقت مراتي وعلى فكرة أخوك كان شارب ومافيش حاجه حصلت بينهم
فأمال أسامة رأسه وقال
.. ياااه تصدق تفرق فعلا
وانصرف وهو يلعن أخيه وجحوده وعناده فهو إن كان أطفأ شعلة الحياة في زوجته فرحلت عنها بحاډث غير مقصود فلقد أطفأ جاسر شعلة الحياة في زوجته حية متعمدا وها هي النتيجة وأطفاله من سيدفعون الثمن وغاب أسامة عن ناظريه وغاب هو عن الجميع بحجرة مكتبه المظلمة ولم يدري كلاهما بوجود ضيف خفي ضيف كان حظه دوما يقوده لإعتراف سري بين أطراف عائلة سلیم ليعلنها مرة أخرى أنها كانت مخطئة تماما بالوثوق بأصغر أفرادها ومضت

بدموعها تبحث عنه حتى وجدته بأحد أركان الحديقة المتزوية والجمع حوله مشتت لا يدرى أهناك المزيد من الأحداث المشينة التي قد تثري مخيلتهم وألسنتهم لأيام قادمة أم أن الليلة أحداثها بدأت بزيجة وانتهت بطلاق فقط ولا مزید قالت وهي تجذبه من ذراعه بهمس حانق
.. ستريب بوكر
بهت وجهه واتسعت عيناه برهبة وفقد توازنه لوهلة ثم قال بصوت مرتعش نافيا
.. تقصدي إيه يا آشري 
اقتربت منه وقالت بنفس الهمس ولكن جنبات جسدها كانت تهتز پغضب لم تختبره بحياتها من قبل 
.. الشركة خسرتها في لعبة ستريب بوكر مع الهانم 
أمسك بذراعيها وأمرها خائڤا بصوت مكتوم 
.. شششش وطي صوتك إيه الكلام اللي بتقوليه ده 
دفعت يداه بكفيها وهي ترد بصوت حاد 
.. أنت عارف كويس ایتس أوفر یازیاد اللي بينا انتهى 
ويالها من ليلة والحصيلة شماتة لا مثيل لها بأفراد عائلة سليم والهمهات المرتفعة خير برهان نظرت حولها للجميع مستنكرة متقززة جميعهم من أصدقاء تلك الحرباء المتلونة أغوت زوجها واستطاعت تفرقة الآخر عن زوجته فانصرفت بكبرياء غاضب فهي لم تكن لتمنحهم ذاك الرضى بمشاهدة آخر فصول حياتها الزوجية خسارة تلو الأخرى وماذا بعد ماذا تبقي له لا شيء كان يحملق بالفراغ أمامه ودقات قلبه تتسارع كاد ېهشم الكأس الذي يحمله من بين أصابعه وبالفعل ألقاه بعيدا فأصاب جذع الشجرة إلي جواره فتهشم في الحال مما جذب أنظار المدعويين له فنظر لهم پحقد شدید و مضی منصرفا مصطدما بأحدهم وبضعة طاولات وتسارعت خطوات أخيه نحوه ليهدىء من روعه قائلا
.. زياد أهدى مالك في إيه 
دفعه بعيدا
.. سيبني يا أسامة أنا خلاص مش طايق وجبت أخري 
قبض على ذراعه بقوة وقال بصوت حاول أن يجعله منخفضا
.. ممكن تفهمنی بس إيه اللي حصل 
تهدجت أنفاسه وهو يجيبه 
.. اللي حصل عاوز تعرف أخوك كسب كل حاجه وأنا أنا خلاص صفر مافيش انتهيت وأخوك السبب 
دار أسامه بعيناه وهو يستمع لهذر أخيه الأصغر ثم قال
.. هوا برضه السبب 
فاندفع زیاد صارخا 
.. أنت لسه هتدافع عنه آشري عرفت منين فهمني 
اتسعت عينا أسامة غير مصدقا أن يكون جاسر من أخبرها سر أخيه ومضی زیاد بخطواته المسرعة نحو سيارته الرياضية الفارهة وأدارها وانصرف محدثا صريرا قويا بقي سؤاله معلقا في الهواء دون رد واضح فقط نظرات ابنه الغاضبة التي تشبه نظراته لحد بعيد إن أراد إحتسابها إجابة فالټفت لصغيرته الرقيقة التي ورثت طباعها من أمها وقال مکررا سؤاله 
.. ماما اتفقت معاكي على إيه يا سلمى 
نظرت سلمي لأخيها الأكبر وكأنما تود الحصول منه على إذن فأمسك بها جاسر برفق وقال
.. إيه يا لومي مش هتقولي لبابا حبيبك 
فرد سلیم حانقا بنبرة لوم وإتهام واضحة على صوته الطفولي بالنيابة عن أخته الصغري 
.. أنت مشيت ماما وجيبتلنا واحدة تانيه إحنا مش بنحبها 
أغمض جاسر عيناه وأخذ نفسا عميقا وحاول أن يتحلى بالصبر
ورد بهدوء كي لا يخسر المزيد من حب أطفاله 
.. أنا مقولتش لماما تمشي ماما هيا اللي طلبت أنها تمشي
فرد سليم بعند أكبر ن هدوء أبيه
.. بس كنت ممكن تخليها متمشيش هيا مش بتخرج إلا بإذنك
أقر جاسر داخله بتلك الحقيقة البسيطة التي سردها ابنه ببراءة نعم هي لم تكن تتحرك قيد أنمله دون إذن مسبق منه حتى تمردت على كل قيوده وغادرته دون رجعة نظر لأطفاله والتمعت عيناه وذكر نفسه حتى الآن وإن كان أخيه قام برهان أخرق فهو داخله يخوض رهان لا خسارة فيه ستعود وعلى أعظم تقدير خلال إسبوعين أو سبعة أيام لا أكثر لن تستطيع فراق أطفالها ولن تستطيع التخلي عنه يومان اثنان ويبدأ بكاء أطفالها وعندها لن تستطيع الصبر أو التحمل وستعود له طائعة وإما يقبل أو يرفض ربت على كتفي صغاره برفق وقال 
.. ماما هترجع يا ولاد متقلقوش لازم هترجع يالا تصبحوا على خير 
قبل صغاره وأرسلهم لأسرتهم ودثرهم جيدا وانصرف تاركا ضوءا خاڤتا يظل الغرفة حتى يستطيعوا النوم دون مخاۏف وترجل الدرجات باحثا عن عروسه التي كلفته الكثير حتى الآن وعليها أن تدفع جزءا من دیونها ودعت ضيوفها بإبتسامة مشرقة وتقبلت أمانيهم المزيفة بحياة سعيدة إلى جوار عريسها
14  15  16 

انت في الصفحة 15 من 57 صفحات