الأربعاء 27 نوفمبر 2024

فاذا هوى القلب بقلم منال سالم

انت في الصفحة 8 من 77 صفحات

موقع أيام نيوز

سلامو عليكم
تحركت هي خلفهما وهي تودعهما بابتسامة أليفة
وعليكم السلام في رعاية الله
أغلقت الباب بعد انصرافهما واستدارت عائدة إلى المطبخ
خرجت بسمة من المرحاض متسائلة بفضول
خير يا ماما في ايه
ردت عليها أمها بفتور
ده الحاج طه وابنه منذر
لحقت هي بوالدتها داخل المطبخ وجابت بأنظارها المكان بنظرات سريعة وشمولية باحثة عن الطعام ومتسائلة باهتمام
مالهم جايين ليه
أجابتها بضيق خفي
عاوزين يشتروا الدكان القديم 
هتفت بسمة بحماس وهي تقطم قطعة من ثمرة الخيار بفمها
يا ريت ده حتى وجوده زي عدمه وأدينا نطلع منه بقرشين نستفيد بيهم
ربنا ييسر 
قالتها عواطف وهي ترص الصحون الفارغة فوق الطاولة 
ألحت بسمة عليها مشجعة إياها على المضي قدما في عملية البيع
تلك
وافقي يا ماما بدل ما احنا واقعين على الأخر
التفتت عواطف نحو ابنتها لتضيف
هو أنا ممانعة الرك بس على أخويا رياض
ضيقت بسمة نظراتها باهتمام وهتفت متعجبة
عمي رياض ياه بقالي زمن ماسمعتش اسمه
ثم تقوس فمها لتتابع بتهكم
هو احنا نعرفله مطرح أصلا ده أنا لا عمري شوفته ولا أعرف عنه حاجة غير من كلامك القليل عنه
أوضحت لها عواطف سبب تلك القطيعة الطويلة قائلة بأسف
حبال
الود بينا مكانتش أد كده
حكت بسمة فروة رأسها متسائلة باهتمام
أها يعني كان في مشاكل بينكم
ردت عليها أمها بتنهيدة مطولة
تراكمات يا بنتي بسبب أمي وعمايلها و
قاطعتها بسمة غير مكترثة بحديثها القديم عن الخلافات الأسرية في عائلتها مرددة
بصي أنا مش فارق معايا ده كله المهم إنك تبيعي الخړابة دي وخلاص
ردت عليها عواطف بجدية
ما أهو أنا عشان أعرف أبيع لازم يوافق رياض
نفخت بسمة قائلة بضيق
يووه يا ماما أنا دماغي مش مركزة معاكي اعملي اللي انتي عاوزاه بس هاتلي أكل الأول 
خطى منذر نحو الوكالة بخطوات متمهلة إلى جوار أبيه متسائلا بقلق
تفتكر البيعة هاتكمل باين فيها عوأ متاعب
رد عليه طه بنبرة رزينة
عواطف من يومها هبلة وعبيطة ومضيعة حقها
الټفت منذر برأسه للجانب مضيفا بإندهاش
بس أول مرة أعرف ان ليها أخ
مط طه فمه للأمام ورد عليه بهدوء
أنا عارف من زمان تقريبا من وقت ما أمها دريت بإن جوزها خورشيد متجوز عليها واحدة تانية
اها 
تابع مكملا بتأفف
وطبعا الدنيا قامت ومقعادتش وشغل النسوان والكيد شعللها أكتر
تساءل منذر بجدية وهو يشير بيده
طب خلاصة الليلة دي كلها ايه يا حاج طه
أجابه بصوت حازم
ثم أشار لابنه بسبابته محذرا
وإنت نبه على أخوك يهدى كده وبلاش شغل اللبش مع ابن أبو النجا
لوى فمه للجانب قائلا بإيجاز
ربنا يسهل
جلست أسيف على مقعد أبيها الوثير الموجود في مكتبه بالمنزل متأملة الغرفة بعد رحيله
حافظت هي على نظافتها وترتيب كل شيء بها كأنه سيعود لاستخدامها في يوم ما
مدت أناملها لتتلمس قلمه الحبري وأوراقه بحذر شديد
تسابقت عبراتها في النزول متأثرة من ذلك الفراغ الكبير الذي أحدثه في حياتها
تحركت أنظارها تدريجيا للأمام حتى وقعت على صورته فتأملها في صمت وقلبها يعتصر آلما عليه
مسحت دموعها بمنشفتها الورقية المهترئة وهمست بصوت مبحوح
أخرجت تأوهة حاړقة من صدرها وهي تستدير بمقعدها المتحرك للخلف لتتركها منفردة بنفسها
أسند النادل كوب المثلجات البارد على الطاولة أمام ذلك الصغير الذي صفق بحماس لرؤيته إياه
ابتسم دياب لابنه وهتف قائلا
كل يا يحيى
تناول الصغير ملعقته وغرسها في الكوب مرددا ببراءة
حاضر 
مسد دياب على شعر رأسه برقة مبتسما له بحنية
ورغم شعوره بالبغض والحنق نحو أمه إلا أنه أخرج ابنه من حساباته معها فذلك الصغير لا ذنب له فيما حدث  
وعلى عكس صفات والدته الدنيئة إلا أن يحيى يحمل قلبا طيبا وأخلاقا كيسة بالرغم من صغر سنه الذي لا يتجاوز الست سنوات
رن هاتفه برقمها البغيض فأشاح بوجهه الممتعض للجانب وأطلق سبة خفية مهينا إياها بشدة
الټفت نحو ابنه مجددا وهمس له
خلص يا حبيبي عشان أمك جاية 
ماشي 
قالها الصغير وهو يلوك قطعة المثلجات في فمه
ابتلعها بصعوبة بسبب برودتها وأضاف متحمسا
بابا أنا هاروح تمرين السباحة هاتيجي تشوفني
رد عليه بتكلف
إن شاء الله
أضاف الصغير يحيى بسعادة
ماما جابتلي مايوه جامد أوي 
ظهر النفور الممزوج بالإزدراء على دياب وتمتم
من بين أسنانه بسخط خاڤت
تقولش جابته من أبعدية أبوها ماهو من فلوسي
تساءل يحيى بصوت مرتفع
بتقول ايه يا بابا
ابتسم قائلا بتصنع
ولا حاجة خلص أكل انت بس 
حاضر 
بعد عدة دقائق حضرت ولاء إلى المطعم وهي متأنقة كعادتها مع فارق أنها ترتدي ثيابا ڤاضحة للغاية تكشف أكثر مما تستر وتضع مساحيق التجميل بكميات زائدة
نظر لها دياب باحتقار ووضع نظارته الشمسية على وجهه ليخفي نظراته الساخطة نحوها
شعور رهيب بالحنق والڠضب بدأ في التسلل داخل خلاياه بشراسة وهو يراها مقبلة عليه
تعمدت هي التغنج بجسدها أمامه لتثير استفزازه أكثر ولكنه تجاهلها بإشاحة وجهه للجانب
وقفت قبالته وهتفت بدلال
هاي دياب ازيك
رد عليها بنبرة متأففة ليشعرها بدونيتها
خدي يحيى وامشي 
جلست على المقعد الشاغر ووضعت ساقا فوق الأخرى مبتلعة إهانته لها وهتفت ببرود
أنا كنت عاوزة اكلمك في مصاريف يحيى الأخيرة و
قاطعها قائلا باقتضاب وهو ينتفض من مقعده واقفا
انتي مش بيوصلك اللي اتفقنا عليه مالكيش زيادة عن كده
أنزلت ساقيها لتقف هي الأخرى في مواجهته هاتفة بضيق
أنا مقولتش حاجة بس الولد محتاج لبس جديد كل القديم بتاعه صغر عليه وأنا
قاطعها مشيرا بكف يده لتصمت وهو محدق في الفراغ متجنبا النظر إليها
هابعتلك كام طقم جديد معاه المرة الجاية
هزت رأسها بإيماءة خفيفة وابتسمت قائلة بنعومة
اوكي بس انت هاتعرف مقاسه و
لم يهتم بمتابعة جملتها بل دس يده في جيبه ليخرج بعض الأموال منها وقڈف المبلغ الخاص بثمن المثلجات وفنجان قهوته على الطاولة
حدقت فيه بنظرات مشټعلة لتجاهله لها وزاد من غيظها أكثر انصرافه مبتعدا دون إضافة المزيد وكأنها نكرة غير موجودة على الإطلاق
ضغطت على شفتيها قائلة پحقد دون أن تحيد بنظراته المحتدة عنه
ماشي يا دياب بتسبني وتمشي ماشي مسيرك هاترجعلي تاني
بحثت عواطف في أوراقها القديمة الموضوعة بداخل الكومود الموجود بغرفة نومها عن أي شيء يخص أخيها رياض
لم تجد شيئا مفيدا بعد بعثرتها لهم على فراشها فمعظمها أوراق غير مهمة
يئست هي من كثرة البحث فجمعتهم سويا لتضعهم في مكانهم لكن لفت انتباهها تلك الورقة المطوية التي سقطت منها سهوا على الأرضية
انحنت لتلتقطها ثم فتحتها وهي تعتدل في جلستها
حدقت فيها بنظرات متأنية وتهللت أساريرها قليلا حينما قرأت ما دون بها
تنفست عواطف الصعداء وهتفت لنفسها
الحمدلله لاقيت رقم تلافون أخويا
تركت ما في يدها ونهضت عن الفراش وهي ممسكة بالورقة الصفراء الصغيرة
خرجت من الغرفة متجهة نحو الهاتف الأرضي وهي تتلهف شوقا لمهاتفة أخيها
ربما قد حانت الفرصة للتصافي معه والتقارب مجددا بعد تلك القطيعة الطويلة
وسيكون الدكان هو حجتها لهذا
وضعت السماعة على أذنها وضغطت على الأزرار منتظرة بترقب إجابته عليها
ابتلعت ريقها بتوتر وتسارعت أنفاسها نسبيا ثم بصوت مرتبك هتفت متلهفة حينما سمعت تلك الأنفاس الهادئة عبر الطرف الأخر
ألوو رياض
يتبع الفصل التالي
الفصل الرابع
استمعت حنان إلى ذلك الصوت النسائي حينما رفعت السماعة لتجيب على رنين الهاتف الأرضي المتواصل فردت بهدوء على المتصلة
أيوه 
ارتبكت عواطف من النبرة الأنثوية التي أجابت عليها وتلعثمت متسائلة بتوتر
هو هو مش ده رقم الأستاذ رياض خورشيد
تنهدت حنان بعمق وهي تجيبها بنبرة حزينة
اه هو
ابتلعت عواطف ريقها ساءلة إياها بحذر
طب ممكن تدهوني أكلمه
أخفضت حنان نظراتها حزنا وردت عليها بصوت شبه مخټنق
للأسف مش هاينفع
توجست عواطف من إنهاء المكالمة دون

انت في الصفحة 8 من 77 صفحات