الأربعاء 18 ديسمبر 2024

لعبه بلا نهايه بقلم يسرا مسعد

انت في الصفحة 10 من 57 صفحات

موقع أيام نيوز

يسمعها الأروع بفخر واعتزاز وكأنما كان إنجازه هو
.. طارق هوا اللي طبخ النهاردة
وضحكتها كانت البلهاء وانصرفت لغرفتها مسرعة وهي تغمغم بغيظ
.. ياترى أوضتي في مكانها يابابا ولا اتغيرت هيا كمان !
ولم تنتظر للحصول على إجابة فهي كانت تتوق وبشدة للإختفاء داخلها جلست على طرف الفراش وهي تعد داخلها حتى تخطت العشرون محاولة التنفس بأيقاع منتظم في ليلة واحدة ظهر والدها وغير معالم غرفة إستقبالها بمساعدة غريب طاف أركان منزلها ! ولم يكتفي بهذا فقط بل وسمح له بدخول مطبخها المرتب والعبث بخزانة طعامها ليحضر لها ولصغارها طعام الغداء الذي قلما تعده بنفسها فساعات عملها الطويلة المتصلة حرمت أطفالها تلك الرفاهية هي فعليا تغلي وتزبد وعندما قررت التحلي بروح إيجابية تحطمت تماما على صخرة الواقع أو بالأحرى هاتفها الذي يحمل أحدى عشر مكالمة لم يتم الرد لقد نسيته تماما على الوضع الصامت منذ أن دخلت شركة الزهري صباحا وحتما من يغلي ويزبد هو أسامة الآن الذي راسلته برسالة نصية .. آسفة التليفون نسيته سيلينت ومش هينفع ارجع النهاردة على الشركة تاني بكرة بإذن الله نتقابل ونحكي ثم أخذت القرار الأكثر تهورا وأغلقت الهاتف !
.. آشري مش معقول المفاجئة السعيدة دى !
التفتت له وهي ترسم على وجهها إبتسامة هادئة وتمد يدها لتصافحه
.. أهلاعاصم بيه .مفاجئة فعلا
صافحاها بحرارة ونظرة إعجاب تطل من عينيه قائلا
.. حمد الله على السلامة مصر نورتأنا كنت جاي استقبل صديق ليا بس طيارته اتأخرت ونزلت ترانزيت في دبى مكتوبلي بقى أوصلك
هزت رأسها رافضة عرضه
.. ميرسي بجد بس السواق مستنيني بره
تهدلت كتفاه وقال
.. طب خلاص اسمحيلي بقى أساعدك في الشنط
ابتسمت له وقالت
.. شور ولو إني هتعبك معايا
.. بالعكس تعب إيه ده حتى شنطك قليلة أوى اكيد لمېتي اللي قدريتى عليه ورجعتي بعد الخبر اللي سمعناه كلنا
قالها وهو ينظر لها بمكر بالغ منتظرا ردة فعلها والتي كانت واضحة على ملامحها وتوازت مع نبرة صوتها المتوترة
.. خبر إيهخير !
رفع حاجبيه وقال بإندهاش كاذب
.. معقول متعرفيشزياد باع شركته لداليا الزهري
وعندها توقفت خطواتها تماما عن الحركة
لم يتغير المكان كثيرا بل ربما بقي على حالته خاطرة مرت بذهنها وهي تجتاز بسيارتها الرياضية البوابة المعدنية المنخفضة لذلك المنزل الحجري المكون من طابق واحد والذي يحوي غرفتين لا أكثر كانت في الماضي مخباءا سريا لهما لا يعلم موقعه أي شخص سواهما ترجلت من سيارتها وهي واثقة أنه لا يزال يحتفظ بتلك الميزة فجاسر سليم لن يخاطر بسمعته إذا ما شوهد برفقتها وهو الرجل المتزوج .
الهواء كان باردا خاصة بمكان واسع يحيطه اللاشيء بعض النباتات القصيرة الغير مشذبة وهواء البحر يحمل صوت تضارب أمواجه وحرصت هي على ارتداء ملابس محتشمة مكونة من قمیص سماوي مقلم وسروال أزرق ينساب على ساقيها بنعومة بالغة ورفعت شعرها وثبته بدبوس ذهبي.
فهي مدعوة لعشاء لم تحتاج لدق الباب فقد كان يقف حاملا فنجانا بمشروب ساخن وعيناه لا تفارقها قائلا وهو ينظر لساعته الثمينة
.. فكرتك توهتي 
فتقدمت منه بهدوء

قائلة بثقة ودقات قلبها تتسارع
.. أبدا المكان متغيرش 
أفسح لها الطريق مرحبا بها
.. اتفضلي 
دخلت وطالعت الغرفة الصغيرة التي لم ينالها أي تغيير درجتان للأسفل وتصبح بمنتصفها ثم تقودها لمدفئة حجرية قديمة تقتات على الأخشاب لتشع الدفء في الغرفة بمواجهة برودة رياح الخريف التي يحملها نسيم البحر من الشرفة الواسعة العبة والطاولة المستديرة داخلها تحمل فوقها شمعدانا أثريا من الفضة والشموع مضاءة وبعضها متناثر في الأركان وعلى السور المنخفض ابتسمت والټفت له بنعومة وقالت 
.. شموع وورد اتغيرت يا جاسر ! 
ابتسم هازئا وقال 
.. أنا زي ما أنا متغيرتش وأنت زمان مکنش بيهمك لا ورد ولا شموع 
واستطرد بمكر 
.. مکنش بيهمك غيري 
أطلقت ضحكة ساخرة
.. كنت هبلة فعلا لازم اعترف 
حمل لها فنجان من الشاي الساخن وقدمه لها وقال معترضا
.. کنت بريئة براءة الحب والأحلام
تناولت منه الفنجان وشربت منه القليل وقالت بعزم 
.. في دي أنا فعلا اتغيرت خصوصا أني أخدت أعظم درس على إيديك 
حرك لها المقعد المبطن بقماش القطيفة لتجلس وجلس أمامها قائلا بسخرية 
.. مافيش داعي للشكر ولو أن أنت كان عندك الإستعداد
وضعت الفنجان وقالت بمرح 
.. واضح أنه مش عشا وهنقضيها على فنجان الشاي ده والأتهامات المتبادلة.
وضع الفنجان وقال بهدوء
.. لا إزاي ده أنا حتى مستنيكي من ساعتها 
قام وشمر عن ساعديه وشرع بإنهاء طعام العشاء الذي كان يعده بنفسه وقامت هي وراءه لتمد له يد المساعدة قائلة
.. أنا ححضر السلاط
لم يعترض ودفع لها بسلة الخضروات لتقوم بالعمل ثم قال بلطف
.. إيه اللي رجعك يا داليا 
قالت بحنين 
.. اشتقت لبلدي
أجاب غیر مصدقا 
.. ولو أنك زمان کنت مشتاقه تسافري بأي شكل
هزت رأسها نافية وقالت 
.. كنت مشتاقه إني أسيب البلد ونهرب سوا نبعد عن الكل بس أنت طلعت أذكى مني
ضحك هازئا 
.. لا الصراحة الأذکی کان أمين الزهري 
وضعت السکين بعدما انتهت من التقطيع وقالت بنبرة حزينة
.. وحملتني ذنبه
أطفأ الموقد وشرع بإعداد الأطباق وقال بعد وهلة 
.. مکنش مذنب كان حقه ولو كنت مكانه كنت هعمل زيه 
ضحكت بهسيترية حتى ظن أنها فقدت عقلها وفکت خصلات شعرها ثم قالت 
.. سوري بجد بس أنت ألعن منه على الأقل هوا كان بيعمل أي حاجه عشان يحميني أنا وبس أنما أنت بتعمل كل حاجة عشان تحمي كل حد في حياتك 
وأردفت پحقد
.. حتى لو ممكن يأذيك 
هز رأسه متفکها وصب الطعام وتذوقه تحت ناظريها ثم مد لها بالطبق وعيناه لاتحيد عنها قائلا 
.. بون آبتی ومتقلقيش أنا دوقت المكرونة قدامك بس الشاي
وترك جملته معلقة في الهواء وسار بطبقه للشرفة وسارت خلفه وعيناها تلمعان بجزل ثم جلست أمامه بهدوء قائلة
.. زیاد بدأت ترجعله ذاكرته
شرع في الأكل وقال بإحتقار 
.. ودي حاجه تتنسي شركة قيمتها ملايين تروح منه في ستريب بوکر
أطلقت ضحكة ساخرة وقالت 
.. تخیل مش معقول أنا كمان ولا ملايين الدنيا تخليني أعملها
ثم استطردت بقوة
.. ولا عملتها . 
ركز أنظاره عليها والتمعت عيناه بمكر وقال 
.. برافو یا داليا بس يا تری ممكن تلعبيها لو كنت أنا الخصم 
زمت شفتيها وتركت الشوكة جانبا وقالت بإستهزاء
.. وأنا اللي كنت فاكراها دعوة عشا بريئة.
قال
.. اللعبة لسه مخلصتش يا داليا
وأردف بتهدید
.. ومش هنخلص إلا لما الشركة ترجعلي . 
مدت يدها لكوب الماء وارتشفت منه القليل وقالت
.. وأنا هرجعالك يا جاسر بس بشرط 
التمعت عيناه وقال
.. أيه هوا 
دفعت بخصلات شعرها للخلف وقالت بدلال مفرط
.. نتجوز 
وهكذا ألقت قنبلتها بشفاة قرمزية وبقي هو يحملق بها حتى ارتعشت شفتاه بابتسامة غامضة
عادت للمنزل منذ يومان وتقبل هو عودتها شاردا حتى أنه رحب بأبنائه بهدوء بالغ وصدقت أمها فالبعد جفاء بالفعل وقفت تنظم الأزهار التي تحملها كل صباح لركنها المميز في هذا القصر الشاسع أزهارا تزرعها بنفسها وتحرص دوما على الإعتناء بها ولكن أزهارها ضعيفة لا تتحمل برودة الخريف وتقلب أجواءه أزهارها مثلها لم تعد قادرة على تحمل الصعوبات التي تمر بها تتمنى لو تنقشع الغيوم وتعود الشمس لتسيطر على سماء الأرض هي مخلوقة صيفيه بل هي أقرب للربيع من يقول أن الشتاء مطر وفنجان قهوة وصوت فيروز لایدری نعمة الشمس ولا جمال دفئها وصفاء شعاعها وحرارة الجو الصافية بفضلها وأما عن صوت فيروز فهو يشع شتاءا وصيفا فلم عساها تتمتع به فقط تحت وطأة زمهریر.
.. صباح الخير
نبرة صوته الدافئة أرسلت لجسدها القشعريرة فالتفتت له وتركت الأزهار هامسة
.. صباح النور 
جلس لطاولة الطعام ليتناول فطوره الذي حمله من المطبخ في هدوء ثم قال 
.. الولاد فين مش سامعلهم صوت 
تابعت عملها بأصابع متوترة وأجابته متوقعة منه الزجر 
.. طلعوا رحله للمكتبة تبع النادي هعدي عليهم الساعة ۱۲ أخدهم.
ابتسم لها على حين غرة 
.. كبروا وبيطلعوا رحلات دلوقتي
ابتسمت له بصفاء وقالت 
.. وسليم ماشي الصبح عمال ينبه على سلمى تمسك إيده وماتبصش على حد
أطلق ضحكة عالية وبعدها ساد الصمت بينهما وظل

ينظر لها ثم قال بحنان دافيء 
.. ما تسيبي الورد اللي في إيدك ده وتعالي اقعدي معايا
هاربة هي بكل تفاصيلها وبالأخص عيناها وكلما عمدت للهروب استهوته مطارداتها لتعود بمكمنه هادئة فيطمئن هو لسكونها نظرت له متوترة ولا تعلم لم قفزت الدموع لعيونها لقد فقدت القدرة على التقرب منه بحديث سوی بکلمات متناثرة عن حال الصغار ولم تكن يوما ماهرة بالحكي عن نفسها أو عن مشاعرها وهو غامض ككهف حالك السواد لاتدري مابه ولا بأي أرض تطأ إلا عندما يرشدها هو بضوء خاڤت جلست أمامه صامتة وبادرها بمسكة حانية لكفها البارد وقال هامسا
.. إيديكي ساقعه 
هزت رأسها وحاولت سحب كفها ولكنه استبقاها بل وحاصر الآخرى وقال بدفء 
.. أنا عارف أني ساعات بضغط عليكي وعارف ومقدر کویس أنك بتستحمليني لكني دايما واثق أنك هتفضلي على طول مستحملاني 
ثم رفع ذقنها بطرف إصبعه وحملق بعيناها البنية الدافئة واستطرد برجاء 
.. يا تری أنا غلطان ياسالي ياترى بطلتي تستحمليني
هزت رأسها نافية وانهمرت دموعها وقالت
.. أبدا عمري
مسح دموعها سريعا وقال بصوت أجش
.. متعطيش مبستحملش دموعك
وغمرها بأحضانه وهو يربت على كتفها ثم قبل رأسها وقال بهدوء 
.. أنا هروح الشغل دلوقت لو عوزتي حاجة كلميني
وهكذا كما يقولون شمس الشتاء عزيزة كذلك شمس مشاعرة ودفئه الذي يغمرها به فما كانت سوى دقائق معدودة حظيت بها بقرية لم تثرثر لم تبح بما يعتمل بصدرها من مخاۏف فقط طمأنته أنها ستظل دوما إلى جواره واطمأنت أنه لايزال يرغب بذاك القرب 
لأول مرة يتعالي صوتها بصړاخ في وجهه فهي كانت تعامله دوما معاملة الأطفال على الرغم من أنها تصغره بخمسة أعوام لا تلجأ للصړاخ ولا المطالب بصوت مرتفع وإلا بادراها بالعند ولكن فاض الكيل
.. فيه أيه بينك وبينها 
رد زاعقا
.. قولتلك مافيش حاجه 
.. وبعتلها ليه الشركة 
وفجأة ومن غير أي مقدمات هدر بها 
.. مالكيش دعوة بشغلي شغلي وأنا حر فيه 
اتجهت لحقيبتها وأخرجت هاتفها والصورة التي لازالت تحتفظ بها 
.. والصورة دي كانت شغل برضه یا زیاد 
حملق في الصورة وقال مرتبكا 
.. كمان باعته جواسيسك ورايا
ردت حانقة 
.. أنا مبعتش حد وراك الصورة دي وصلتني من حد من مصلحته أنه يوصلهالي
ثم اقتربت منه وقالت هامسة بحړقة 
.. ولأن ثقتي فيك كانت أكبر أن مدیتهاش أهمية لذلك ولآخر مرة يا زياد بسألك فيه أيه بينك وبين داليا الزهري 
رفع رأسه وقال بتصميم 
.. مافيش عاوزة تصدقي أنت حرة مش عاوزة برضه أنت حرة
وخرج وتركها خرج هاربا خرج لأنه بات لايقوى على المواجهة مواجهة واقع أنه خسر عمله وشركته وأمواله وعلى وشك خسران زواجه واستقراره بالكامل
عيناه كانتا تلمتع پغضب ۏحشي وهو يراقب تقدمها داخل بوابة الشركة من نافذة مكتبه متأخرة بساعة كاملة بعد ما حدث بالأمس وتجاهلها الرد عليه وتلك الرسالة النصية المختصرة جدا تظهر في اليوم التالي متأخرة ! ! رفع سماعة الهاتف ثم قال لموظف الأمن
.. مدام درية وصلت يا عرفة
أتاه الرد
.. أيوه يا باشمهندس وطلعت على فوق 
قام وخلع سترته القائمة السواد وشمر عن ذراعيه وسار بخطوات حازمة حتى الخارج وطالعته السكرتيرة بنظرة مشوبة بالإعجاب وخاصة أن هيئته كانت أقرب لأحد ممثلي هوليود بقميصه
10  11 

انت في الصفحة 10 من 57 صفحات