الأربعاء 18 ديسمبر 2024

لعبه بلا نهايه بقلم يسرا مسعد

انت في الصفحة 9 من 57 صفحات

موقع أيام نيوز

جانبا وأشار للنادل ليحضر مزيدا من القهوة وقال بعملية تامة
.. أحنا لازم نعرف إيه اللي بيدور من ورانا في مجموعة الزهري يا درية
وأخيرا ! حديث متزن عن العمل انصتت له وقالت
.. فعلا بس أزاي 
رد ببساطة
.. البداية أنت
اتسعت عيناها وقالت
.. أنا !
ارتشف القليل من قهوته
.. أنت صحفيه في مجلة إقتصادية هتطلعي دلوقت على مقر الشركة أنا خليت سكرتيرتي تاخدلك معاد مع نائب مجلس الإدارة هتسألية الأسئلة اللي في الظرف وحاولي تكونى لطيفة لطيفة كلمة مكونة من خمسة أحرف معنونة لديها فقط لمطربة شهيرة تناولت منه الظرف مستنكرة وقالت بنبرة ثقيلة
.. التمثيلية دي فاشلة جدا
أقر مؤكدا بهزة رأس
.. واردبس في حالة أن النائب بصباص وعنيه زايغةالعجلة ممكن تمشي
رفعت له أنظارا حاړقة ساخرة
.. ده أنت كمان عاوزني أمثل دور الإغراء فيها
ضاقت عيناه ولم يستطع المقاومة وقال بمكر
.. يمكن الدور كان يكون مسبوك كويس لو بلبس أمبارح
احمرت وجنتها بشدة وقالت وهي تستعد للإنصراف
.. أنا غلطانة أني وافقت آجي معاك
مد يده وقبض على كفها برقة وقال بهدوء
.. أنا مش هجبرك على حاجة يادريةكل اللى بطلبه منك تكوني لطيفة وأهي خبطة ياصابت يا خابت
سحبت كفها من قبضته سريعا اللعڼة عليه لقد اعتاد الإمساك بها واعتادت هي دفء لمساته فقالت بحنق
.. اسم المجلة اللي رايحة أمثلها إيه 
ابتسم لها وهو يشير للنادل طالبا لدفع الحساب
.. هتلاقي التفاصيل كلها عندك في الظرف فيه كمان كارت آي دا علقيه وأنت داخله
.. أنت مش عجباني يا سالي
كلمات مرت بخاطرها قبل أن تفصح بها مجهدة في وجه ابنتها الصغرى التي كانت تجلس ساكنة أمام شاشة التلفاز تتابع فيلما كارتونيا برفقة صغارها..التفتت لها قائلة بإبتسامة صغيرة
.. ليه كده ياست الكل 
.. سايبة بيتك وجوزك ليه يا 
ابتسمت لها بسخريرة مريرة وهي تقول
.. بيتي ! هوا فين بيتيقصدك بيت سوسن هانم
ربتت أمها على كتفها مواسية
.. طب وجوزك!
هزت سالي رأسها وردت
.. قلت أبعد يمكن يحس بقيمتي
أشارت لها أمها نافية وهي تتنهد
.. عمر البعد ما بيقرب يا بنتي
تقافزت دموع القهر من عيناها قائلة
.. مبقاش حاسس بيا يا ماما
أمسكت الأم بذراع ابنتها وهمست لها
.. قربي أنت منه أكتر وأكتر مش تسيبيه غيرك يلهفه منك
رفعت سالي أنظارها نحو أمها على نحو مذعور
.. لا ياماما جاسر لا يمكن يخوني
لوت مجيدة شفتيها لحماقة صغيرتها وقالت
.. هوا مش محتاج يخون ياحبيبتى ..الشرع محلله أربعه وجوزك غني وألف مين تتمناه
اتسعت عيناها پصدمة وقالت
.. قصدك يتجوز علياجاسر لايمكن يعملهاالستات أصلا مش في دماغهكل اللي يشغله الشغل وأمه وعياله وبس وحتى أنا برة دايرة إهتمامه
نظرت لها مجيده ممتعضة وقالت
.. الست اللي متعرفش تضلل على جوزها وبيتها وتخليه لايمكن يستغنى عنها ست خايبة ياساليوأنت مش خايبة أنت بس نفسك قصير وبتستسلمي بسرعة
أشارت لها ابنتها لتخفض صوتها الذي قد علا جراء الإنفعال وقالت
.. خلاص يا ماما يومين بس أريح اعصابى وأرجع طالما زهقت 
تنهدت مجيدة وقالت
.. أبدا يابنتي ..ده أنتو مالين عليا البيت حتىأما أقوم أعملك عصير تروقي بالك أنت والولاد
نظرت لها سالي وهي تنصرف لمطبخها وتساقطت دموعها رغما عنها وهي تطالع صورة والداها الحبيب التي تحتل الحائط المقابل وهمست داخلها ياريتك كنت معايا 
وضعت سماعة الهاتف بأنامل مرتعشة ودقات قلبها تتقافز حتى كادت تصم أذنيها كطبول حرب ضارية لقد أخبرها موظف الأمن منذ قليل بوصول جاسر سليم وهو في طريقه الآن للطابق الأخير حيث مكتبها في تلك البناية المتواضعة بالنسبة لبناية شركة والدها الراحل طالعت هيئتها في المرآة التي تحتل عرض الحائط وهندمت زيها المكون من قطعتين غير متناسبتين إطلاقا مع الطقس المتقلب الذي يمر بالبلاد بلونه الكريمي الدافىء ومررت أناملها المرتعشة بين خصلات الليل التي تظلل رأسها الجميل وتمتد لتصل إلى ورشت المزيد من عطرها المغري وأخذت نفسا

عميقا وتظاهرت بهيئة باردة فأيا ما كان يحمله جاسر لها لابد وأنه يحمل صفة ڼارية وهي ستنجو منها بالبرودة التي ستزرعها في عروقها تظاهرت بالإنشغال في أوراق واهية لم تلتقط عيناها أبعد من سطورها الأولى وهو يقتحم الغرفة دون إنذار وخطوات البلهاء التي تتقافز خلفه وصوتها يتعالى من ورائه ورغم ذلك وصل خاڤتا مرتعشا لآذانها بكلمات لا قيمة لها في عالم جاسر سليم
.. مايصحش كده يافند
صرفتها بإشارة من يديها وهي تتهادي في مشيتها نحوه حاصدة رغما عنه نظرة إعجاب فجابهته بنظرة واثقة وإبتسامة واسعة كلمات معدودة
.. جاى تباركلي
ربما يكون تغير بقدر يسير منذ أن هجرها ولكنه لازال متمتعا بتلك الطلة الساحرة والساخرة في آن واحد وكبرياءه تعتلي رأسه شامخة ونبرة صوته قادرة على تخدير حواسها أجمع
.. لا بالعكس أنا جاي أعزيكي
عبست بدلال وقالت بلوم
.. تعزينى ! أنت مش واخد بالك أنه فات أوانه خلاص
ضحكته أذابت عظامها وخشونة نبرته أعادت تكوينها على نحو أشعث
.. ااه بالنسبة لوالدك !بس لاء مش عشان كده ولو أن الرحمة تجوز على الجمع
استجمعت شتاتها وعقدت حاجبيها وقالت حانقة
.. أومال جاي تعزيني ليه
مد يده ونزع زهرة جوري حمراء من بين مجموعة زهور منقمة فوق طاولة اجتماعات وسط الغرفة قائلا بغموض
.. ده اللي هتعرفيه قدام
تراجعت بضعة خطوات للخلف واتكأت بإغراء على سطح مكتبها الزجاجى وقالت بدلال
.. جاسرأنت جاى تهددنى وفي أول يوم أقعد فيه على مكتب مدير الشركة! مالكش حق بعد الغيبة الطويلة دي
لمعت عيناه وهو يلتفت لها
.. كل شيء وليه آخر ومن هنا ورايح أعرفي أنك تحت عينى
اقترب منها بخطۏرة بخطوات فهد فاقتربت منه بدورها وقالت وهي تتلمس كتفه بنعومه
.. يسعدني جدا اكون تحت عينيكبس ماتفكرش أبدا إني ممكن تاني أرجع تحت إيديك
ابتسم لها وقال مستنكرا وهو يزرع الوردة بين طيات خصلاتها بيد خبيرة
.. ليه ما كنت كده زمان
سارت رعشة قاټلة بطول عمودها الفقري فقالت بجمود قبل أن ټنهار أمامه وتفقد تماما ماء وجهها
.. أنت قولتها بلسانك.. زمان
وهمت بصرفه ببرود ولكنه لم تلمح سوى ظله يختفي سريعا من أمامها راقبته ساخرة لطالما كان بارعا بالإختفاء من حياتها بلمح البصر ولكن ما هي إلا ثوان معدودة حتى وصل لهاتفها الشخصي الذي لا يعرف رقمه سوى نخبة ضئيلة جدا من المحيطين بها رسالة فضغطت على الزر بأنامل مرتعشة
.. العشا بكرة الساعة سبعة في نفس المكانمستنيكي يا خمرية
وسقط قلبها من بين أضلعها فهو لازال يذكر لقبه الذي كان يتودد به إليها
كان يجوب أورقة الشركة دون هدى يطرق أبواب موظفيه ويبتسم لهم أو يزمجر بهم على حسب تقلب حالته المزاجيه على مر ثلاث ساعات متصلة ماضيةوكاد أن يرتطم بمدام هدى رئيسة قسم الحسابات فتراجع للخلف مغمغا بأسف تقبلته منه مدام هدى على حرج قائلة
.. خير يا باشمهندس فيه حاجه حضرتك تؤمر بحاجة !
برقت عيناه وهو يواجهها وقال
.. أطلبي درية من فضلك وشوفيها فين 
أومأت براسها وعادت له بعد ثوان
.. مبتردش غريبه
عبس وعقد حاجبيه أنها لاترد على مكالمات الجميع إذالقد ظن أنها تتجاهل إتصالاته المتكررة وهو يريد الإطمثنان عليها فمنذ أن تركها أمام شركة آل الزهري منذ ثلاث ساعات كاملة والقلق يتأكله وأمرا أخرا يرفض الإعتراف بهفحرفيا هي الآن بوكر زير نساء مخضرم وهيثتها المتزمتة التي طالعته بها هذا الصباح فوجىء بأنها قد غيرتها تماما قبل أن تترجل من سيارته رغم أن كل مافعلته كان بسيطا للغاية فقط فكت جديلتها وأرسلت خصلات شعرها حرة على ظهرها ومنحت شفتيها مباركة من أحمر شفاة بلون الفريز الشهي وتركته ېحترق بأمنية لوكان بإمكانه تذوق طعمه عاد لغرفة مكتبه بالطابق الثاني تاركا سكرتيرته مترنحة بصوته الصارم بجملة مفاداها
.. أول ما درية توصل تجيلي مكتبي 
عادت سكرتيرته الحسناء إلى مكتبها وعلى وجهها إبتسامة حالمة وهي مفتونة تماما بتغير حالة رئيسها بعد رحيل زوجته الشابة عن الحياة
الساعة تعدت منتصف الظهيرة وقررت المرور على صغيرها بحضانته وحمله باكرا للمنزل بدلا من أن ينتظر عودة أخيه الأكبر من مدرسته ليقله هو فسار صغيرها إلى جوارها وهو سعيد تماما بتلك المفاجئة يقفز من حين لاخر فڼهرته أمه قائلة
.. أيهم بطل تنطيط
نظر لها الصبي بشقاوة وهو يقول
.. ماما أنت حلوة أويمكنتيش كده الصبح
التفتت له ضاحكة وهي تقول
.. ياسلاام وكنت وحشة على كده الصبح 
هز رأسه نافيا وهو يقفز مرة أخرى
.. لاء بس شكلك كان مدايق الصبح
ضحكت وهي تمسك به من جديد
.. ماشى يا أبو نص لسان لو مابطلتش تنطيط أنا هشيلك
جري الصغير منها وقد اقتربا من باب العقار وهو ېصرخ ضاحكا بلهو
.. طب امسكيني الأول
اتسعت عيناها وكذلك خطواتها وهي تحاول اللحاق بصغيرها الذي اصطدم بجارهم الطبيب الطيب فتوقفت لتعتذر له
.. أنا آسفة جدا
والتفتت لصغيرها الذي توقف أخيرا أمام باب المصعد وقالت مؤنبة
.. كده يا أيهم تعالى اعتذر من الدكتور حالا
ابتسم لها نبيل وقال
.. حصل خيريالا هات الأسانسير يا أيهم
هز أيهم رأسه الكثيف طائعا واستدعى المصعد وتوقفت أمه إلى جواره وتنحنح نبيل قائلا
.. راجعين بدري النهاردة !
رفعت له رأسها بدهشة فهي كانت لا تعلم أن جارها المتيم بها يراقب تحركاتها

ولديه الآن خبرة كافيه بمواعيد انصرافها ورجوعها للمنزل رغم إنشغاله بعمله الطارىء في معظم الأحيان فهمهمت بموافقة ولكن صغيرها تطوع بتوضيح الموقف كاملا
.. ماما خلصت شغل بدري وجت أخدتني من الحضانة
جزت على أسنانها بإبتسامة وهي تقبض على كف صغيرها بحزم وتدفعه لداخل المصعد وعندما وصلا للطابق الرابع ترجلا منه وتركا جارهما يودعهما ملوحا وعلى وجهه نظرة رجاء وهو يقول
.. طب ما تتفضلوا تتغدوا معانا ومټخافيش مش أكل عزابي 
وأردف موضحا بضحكة متوترة
.. الحاجة عندي النهاردة
ابتسمت بحرج وقالت
.. بالهنا والشفا وواجب علينا يادكتور بس احنا كمان بابا عندنا النهاردة
واغلقت بات المصعد وتنفست بعمق وفاجأها صغيرها يإحدى أسئلته الغير عادية
.. هوا ايه أكل عزابي ده يا ماما طعمه حلو بتعرفي تعمليه
ضحكت دريه وسقطت منها مفاتيحها محدثة ضجة مميزة وفتح الباب وهي تهم بإلتقاطهم ورحب بها والدها بحرارة
.. كويس إنك رجعتي بدري يالا الغدا جاهز
فدلفت وعلى لسانها إعتراض لم يسمعه والدها فهي فقط قامت بمهمة توصيل صغيرها حتى لا يمضى مزيدا من الوقت وحيدا بفصله وتخطط للعودة مرة أخرى لعملها ملاحظة التغيرات الجذرية التي قام بها والدها في غرفة الإستقبال بالإضافة لعطر رجولي مميز صارخ يجوب الأجواء ولا يخص والدها إطلاقا قائلة بحيرة عابسة
.. با بابا ..بابا أنت عملت أيه ..المكان آآآ..اتغير.. مش هينفع وكده الولادبابا...
والتفتت لوالدها الذي كان يصدر سلسلة من الأوامر لحفيده ولاحظت وقوف رجل عريض فارع الطول وعلى كتفه منشفة مطبخها المزركشة والتي لا تتلاثم إطلاقا مع هيئته بقميصة الأسود وسروال من الدنيم الأزرق مبتسما لها بحرارة ويتقدم منها بخطوات خجلة واطلق والدها ضحكة عميقة وهو يربت على كتف الرجل الذي يفوقه طولا
.. هاه أيه رأيكأنا والعقيد غيرنالك ديكور الشقة كده أحسن وأوسع واستغلينا المساحة مش كده ولا أيه
صافحها العقيد بحرارة وهو يسلط بأنظاره عليها قائلا بحرج
.. في الحقيقة سيادة العميد أصر ومكنش قدامى غير أني أقدم المساعدة أتمنى متكونيش أتدايقتي
وقفت تطالع الرجل عاقدة الحاجبين كالبلهاء تماما اللعڼة عليه اللعڼة تماما عليه شون كونوري بشحمه ولحمه لن يقاربه روعة هزت رأسها صامتة ووالدها
10 

انت في الصفحة 9 من 57 صفحات