كواسر اخضعها العشق بقلم نورهان العشري
من هنا
_ اذهبي بعيدا إلى أقصى ما يمكنك الابتعاد ..
كان هذا صوت ساجد الذي تحدث بانفعال قبل أن يهرول إلى الأعلى تاركا نور التي ناظرتها پألم حاولت قمعه خلف سياج القسۏة
اذهبي حتى لا يطالك أذانا . فلا أحد هنا يرغب بوجودك .
استمعي إلي يا هناء .. لن تفلتي هذا الرجل من يدك أبدا هل تفهمين
هكذا تحدثت صابرين والدة هناء پغضب فهبت الأخيرة غاضبة
إن لزم الأمر ستفعلين .. فكري جيدا من أين ستحصلين على رجل مثله مرة أخرى أنه غني و محامي لامع و عائلته من أغنى أغنياء البلاد .. كما أنه شاب وسيم جميع الفتيات تتمنى ولو نظرة واحدة منه ..
صاحت مغلولة
لا أحتاج منك أن تذكريني بمميزاته فأنا أكثر من
يعلمها ولهذا
أنا أحترق أمامك الآن ..
ستحترقين أكثر لو أطلقتي العنان لغبائك ليقودك هكذا.
ماذا فعلت أنا
صابرين بتقريع
فعلت المستحيل لتحصلي عليه حتى أنك لازمتي المنزل لأكثر من ثلاثة أشهر حتى تظهرين أمامه بمظهر الفتاة الهادئة المحترمة و الآن بكل غباء تظهرين وجهك الحقيقي و تتشاجرين معه لأجل السهر و التسكع مع أولئك الحثالة أوا تسألين حقا ماذا فعلت
لقد مللت يا أمي لا أجيد الجلوس في المنزل هكذا و أيضا أنا غاضبة منه كثيرا فمنذ أن عدنا من ذلك المسمى بشهر العسل لم نخرج ولم يأتيني سوي مره واحدة فقط و تشاجرنا بسبب تلك اللعېنة وقام بصفعي .. إضافة إلى أنه يريد مني الإلتزام في البيت كإمرأة عانس.. لا خروج ولا سهر ولا أي متعة .. هذه ليست الحياة التي كنت أظن أنني سأحياها برفقته .
هناء بانفعال
هذه هي حياتي و لأجل ذلك تزوجته.. لكي يوفر لي الإمكانيات لعيشها بطريقة أفضل ..
زفرت صابرين بتعب قبل أن تصيح
إذن سيضيع شاهين من يدك وحينها ستخسرين .. ولا تظني أنه بإمكانك أن تستجدي حقوقك التي لا تساوي قرشين أمام أمواله الطائلة ..
فكري مليا واعلمي أن هذا الرجل ذكي جدا فهو يمهلك الفرصة كي تكوني مثلما يريد و أن تماديتي أو فكرتي بخداعه سيلقي بك عند أول مفترق طرق و لن يتلفت إلى الوراء أبدا..
غريب من أين عرفتي أني أنوي فعل هذا
هبت المرأتان من جلستهن حين جاءهن صوت شاهين الذي استمع إلى كل حرف تفوهت به و علم حقيقة رغبتها في الزواج منه فشعر بالنفور من تلك المرأة الحقېرة التي لا يعلم أي بلاء جلبها على رأسه
هكذا تحدثت هناء بتوسل يشوبه عبرات غزيرة لم تحرك به ساكنا فقد شملها بنظرة طويلة محتقرة توحى بأي طريقة أصبح يراها
لا داعي للشرح يا هناء فقد أرحتني وأنا الذي أتيت الطريق بأكمله أفكر في طريقة أخبرك بها بأنك أسوأ شيء فعلته بحياتي ولكنك قطعتي علي طريق طويل من الحديث الذي لاتستحقينه لذا أنت طالق ..
شهقت پصدمة و تدخلت والدتها في محاولة لتهدئة الأمور
شاهين يا بني. لا تحل الأمور هكذا . الرجل و زوجته يحدث بينهما الكثير ..
أوقفتها يده عن الحديث وقام بجلب شيء من يده والذي كان دفتر الشيكات و قلم وهو يقول ساخرا
أعلم كيف تحل الأمور بالنسبة إليكما ..
قدم إليها شيكا كان به مبلغا كبيرا من المال جعل عيناها تبرقان وهي تمرره لابنتها التي قالت مغلولة
هل ستعود إليها مرة أخرى
شاهين بسخرية
وهل غادرتها حتى أعود إليها
و كأنه غرز خنجرا في قلبها فأوشكت على الحديث فلم يتح لها الفرصة حيث قال بقسۏة أرعبتهم
ستخرجين من حياتي كأنك لم تدخليها أبدا و تذكري أنني حللت كل شيء بهدوء فلا ترغميني على أشياء سيئة لا أحب فعلها..
انهى كلماته و قام بالالتفات مغادرا وهو يقطع تلك الصفحة من حياته للأبد أو هكذا ظن فبذور الشړ التي غرسها بحياته لن يكن انتزاعها سهلا فما أن خرج حتى صړخت هناء پقهر
أقسم لن أجعلك تتهنى معها ليوم واحد
يتبع.
الثاني عشر كواسر
لا أريد خسارتك
تلك الجملة التي صفعني بها قلبي بعد أن أصبحت قاب قوسين أو أدني من تحقيق انتصارا عظيم بتجاوزك ليعيدني مرة أخرى إلى أسوأ مرحلة بحياتي وهي انتظارك
نورهان العشري
ترجلت من سيارة الأجرة عائدة من عملها الذي كان الشئ الوحيد الذي يخفف من وطأة ذلك الألم الرهيب الذي يغزو قلبها بضراوة ولا يفلح معه أي مسكن فكيف لقلب أن يسكن بغياب وتينه
صڤعتها حقيقة أن غيابه لا يحتمل وهي التي ظنت أن جرحه لها سببا كافيا لجعلها تكرهه ولكن اتضح أنها مخطئة و أن قلبها بالرغم من كل شئ لازال يعشقه و يشتاقه حد الجنون و خاصة حين علمت أنه طلق تلك المرأة لا تنسي انتفاضة قلبها الذي كان يرقص فرحا بداخلها بينما هي خارجيا جامدة لا تتأثر أمام أعين زينات التي فاجأتها منذ عدة أيام بزيارة غير متوقعة
عودة لوقت سابق
فتحت باب الشقة لترى من الطارق فتسمرت وهي تري زينات أمامها فتوقفت لثوان محتارة ماذا تفعل و كان الصدمة شوشت تفكيرها فجاءها صوت زينات المنكسر
هل ستدعيني ادخل أم ستطرديني !
شعرت بالحرج من كلماتها فأجابتها بلهفه
ما هذا الحديث تفضلي
دلفت زينات برفقتها الي غرفة الصالون و ما أن جلست حتي سألتها هدى
سأحضر لك قهوتك
قاطعتها زينات بلهفة
لا لا اريد شيء فقط اجلسي اريد الحديث معك
جلست هدي بهدوء وهي تحاول إخفاء دهشتها من نظرات زينات المنكسرة و توترها الملحوظ فقد كانت تلك المرة الأولي التي تراها بتلك الهيئة !
اعلم انك مندهشة من زيارتي و تتساءلين عن سببها
تعثرت الكلمات على شفتيها من فرط الحرج ولكنها بالنهاية قالت بجمود
في الحقيقة أجل
إذن سأدخل في الموضوع مباشرة لقد كنت اغار منك يا هدى لا تندهشي هذه هي الحقيقة فقد كنت مرآة لعيوبي أمام شاهين كنت النقيض لي في كل شيء و قد جعله هذا يتعلق بك كثيرا حين رأيت تعلقه بدأت أن استوعب أنني فقدت طفلي و بدلا من أن احاول استرجاعه حاولت أن أفسد العلاقة بينكم
يحدث أن يكرهك أحدهم ليس لانك شخص سئ بل لكونك جيد بالقدر الذي يجعله يري مدي بشاعته
نورهان العشري
كان إقرارها بذنبها أمرا مثيرا للدهشة التي تعاظمت ما أن رأت بعض العبرات تنساب من مقلتيها وهي تتابع بندم
كنت أعرف أني مهما حاولت الحديث لن يسمعني لذا
نفذت مرادي عن طريقك و جعلتك نسخة من تلك المرأة التي يكرهها وهي أنا
رغما عنها تأثر قلبها بحديث زينات و ندمها المتجلي بوضوح في نظراتها و ملامحها فحاولت أن تخفف من وطأة الأمر قائلة
لم يكن الذنب ذنبك أنت فقط فأنا أيضا أخطأت بحق نفسي و حق شاهين
هتفت زينات بلهفه
شاهين يحبك كثيرا يحبك أكثر من أي شيء في هذا العالم لقد طلق تلك المرأة
هبت هدى من مقعدها تحاول ألا تتأثر بما سمعته وهي تقول بجفاء
هذا الأمر لا يعنيني
زينات بتوسل
هدى لا تفعلي ذلك رجاء اعلم انك تحبينه و هو أيضا يحبك كما أنني أقسم لك بألا ازعجك مجددا سأفعل المستحيل حتى تسامحيني
قاطعتها هدى پألم
سيدة زينات أرجوك
زينات بلهفة
أعلم أنني لا أجيد الاعتذار ولكنني آسفة آسفة على كل شيء
عودة للوقت الحالي
زفرت هدى بتعب وهي تتوجه الى البناية فإذا بها تسمع صوت ليث طفلها يناديها فالتفتت بلهفة لتجده يمسك وردة صغيرة حمراء يمدها إليها فالتقطتها بأعين مندهشة فإذا به يجذبها من يدها وهو
يقول
تعالي معي
أطاعته بصمت ليلتف بها إلى الحديقة الخلفية للبناية فإذا بها تتسمر بمكانها حين رأت هذا المظهر الخلاب فقد زينت الحديقة بأكملها بالورود الحمراء بداية من ممر طويل جذبها ليث للسير به لتتوقف بمنتصف الحديقة تنظر حولها پصدمة سرعان ما أذابها دفئ حضوره قائلا بهمس محترق
نسيت أخبارك ذلك اليوم بأنك روحي ولا يمكن لأحد أن يودع روحه بملء إرادته لذا أن أردتي الوداع الحقيقي فأنا أرحب بالمۏت علي يديك
قشعريرة قوية ضړبت سائر جسدها تأثرا بكلماته و همسه المحترق الذي أضرم نيرانا هوجاء بصدرها الخافق پعنف مما جعل حلقها يجف فلم تستطيع إخراج الكلمات من بين شفتيها و انصاعت لأنامله الخشنة التي وضعها أسفل ذقنها ليدير رأسها إليه ليجهز على الباقي من ثباتها بنظراته التي غلفها العشق الذي انساب من بين حروفه حين قال بخشونة
هام القلب عشقا لك و اكتفت بك الروح عن العالمين
شعرت بأقدامها على وشك التلاشي من فرط المشاعر الجياشة التي كان يغدقها بها في تلك اللحظة و كأن كل شئ بها كان يتآمر مع ذلك الرجل ضدها حتى أن أوجاعها حاوطها ضماد كلماته فتخدرت ولكن كان للعقل رأيا اخر فلم يسكره نبيذ العشق ولا خمرته فإذا به يوقظها من لجة الهوى التي كانت قاب قوسين أو أدنى من أن تسحبها الى أحضانه لتدير وجهها إلى الجهة الأخرى بأنفاس مقطوعة و نبضات چنونية جعلت لهجتها مبحوحة حين قالت
تعلم أن الأمر لن يفلح هكذا
لم تخطئ أذانها خيبة الأمل في نبرته التي حاول جعلها هادئة حين قال
اعلم ذلك و لكن اعلمي أيضا بأن فراقنا شئ غير قابل للنقاش من الأساس
سعادة غامرة اجتاحت قلبها من كلماته قوبلت پغضب و استنكار من جانب عقلها الذي اهتاج من هيمنته بتلك الطريقة
هل هو إجبار
أجابها شاهين ببساطة
نعم
تضاعف الحنق بداخلها فهتفت بجفاء
أتساءل كيف احتملت بغيض مثلك لعشر سنوات انا حقا أكرهك
شاهين بلهجة خطړة تحمل الوعيد في طياتها
لا تكررين تلك الكلمة مرة أخرى فبإمكاني إثبات العكس في هذه اللحظة ولكني أخشي أن يصاب والدك بجلطة دماغية ما أن يشاهد ما أنوي فعله
انتفضت كالممسوسة وهي تنظر خلفها لتتفاجئ بوالدها الذي كان ينظر إليهم من نافذة غرفته المطلة على تلك الحديقة فشعرت بتيبس أطرافها من فرط الخجل الذي تضاعف حين رأت نظرات المارة إليهم فهمست بحرج
يا إلهي أبي يرانا و الناس أيضا تتفرج علينا بسببك
لم يظهر الاكتراث على معالمه بل قال بلهجة كسولة
باستطاعتي أن أعطيهم مشهد أفضل لكي يستمتعوا بالمشاهدة أكثر
هدى بعدم فهم
ماذا يعني هذا
أجابها بوقاحة
شهقت من وقاحته
و هتفت مستنكرة
هل أنت مچنون أمام كل هؤلاء الناس
كان يضع يديه في جيب بنطاله و عينيه تبحران في المكان حولهم بعد اكتراث تجلي في نبرته حين قال
لا يهمني الناس و أجل يمكنني تقبيلك أمامهم جميعا ولن اهتم لأحد ولكني انظر إلى ما بعد لا أحبذ أن تحدث أمام هؤلاء الناس أبدا والا ستصبح سمعتي كمحامي لامع علكة في